نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 291
ويرتبط الظمأ عند الشاعر بالآلام التي عاناها أهل البيت ( ع ) حيث انتقلوا في دنياهم من مصاب إلى مصاب ، فكان وفرة المصائب التي جابهتهم في حياتهم قابلها هذا الظمأ الذي يجلل أضرحتهم وتربتهم الطاهرة : أما شرق التراب بساكنيه * فيلفظهم إلى النعم الرغاب فكم غدت الضغائن وهي سكرى * تدير عليهم كأس المصاب وبهذا البيت ندرك السبب الذي حدا الشاعر أن يستسقي المدينة لباب الماء ، وأن يستسقي قبور الأئمة ( ع ) المطر الغزير ، لأن هذه الغزارة من الخير " والماء والسقيا رمزان له " قد ناسبت كؤوس المصائب التي نالتهم في حياتهم ، ولكن الشاعر يدرك أن الماء والسقيا غير كافيين أمام عظمة أهل البيت ( ع ) ، فينتقل منها إلى تقرير حقيقة تناسب منزلة أهل بيت النبوة عليهم السلام : صلاد الله تخفق كل يوم * على تلك المعالم والقباب ولا نجد فرقا بين سحاب تنصل شآبيبه ، وسراب يستحيل قطع سحاب وخفقان الصلوات ، فكأن الصلاة عليهم طيور خافقة بأجنحتها ، والصلة وثيقة بين الماء والطيور فلا تحوم الطيور إلا حول موارد الماء المشرعة الآمنة ، فكأن الشريف بهذا البيت ينقلنا إلى جو استجابة دعائه بالسقيا ، بل إلى ما هو أبعد من ذلك ، إلى أن هذه القبور الطاهرة هي مشارع الماء الآمنة التي تخفق حولها الطيور ، وليست تلك الطيور طيورا حقيقية بل هي صلاة الله سبحانه وتعالى ، وأين تخفق الصلاة إلا على أهلها وموطنها ومستقرها ؟ وبعد أن يصل الشاعر إلى هذه الحقيقة يتحول إلى ذاته يستنبط منها حبها ، وينقع غليلها ، ويروى أوامها بزيارته لهم : وإني لا أزال أكر عزمي * وإن قلت مساعدة الصحاب وأخترق الرياح إلى نسيم * تطلع من تراب أبي تراب بودي أن تطاوعني الليالي * وينشب في المنى ظفري ونابي فأرمي العيس نحوكم سهاما * تغلغل بين أحشاء الروابي لعلي أن أبل بكم غليلا * تغلغل بين قلبي والحجاب فما لقيكم إلا دليل * على كنز الغنيمة والاياب ثم يلتفت إلى الإمامين اللذين كان خروجه لزيارتهما سببا لنشاطه في كتابه
291
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 291