نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 129
اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله - صلى الله عليه وآله - وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة ، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه - صلى الله عليه وآله - ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى ، إلا أنك لست بنبي ، ولكنك لوزير ، وإنك لعلى خير . . . . وإني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم ، سيماهم سيما الصديقين ، وكلامهم كلام الأبرار ، عمار الليل ومنار النهار ، مستمسكون بحبل الله ، يحيون سنن الله وسنن رسوله ، لا يستكبرون ولا يعلون ، ولا يغلون ولا يفسدون ، قلوبهم في الجنان وأجسادهم في العمل " [16] . يركز الإمام عليه السلام في هذا الكلام على نقطة مهمة جدا وهي : إن من يقوم مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شؤون الرسالة لا بد أن يكون أفضل المتخرجين عليه والمتأدبين منه ، ويؤكد على أنه هو الواجد لهذه المواصفات والحائز لتلك المقامات ، وإنه ما من علم علمه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأذن في تعليمه ، وما من خلق وأدب كان الرسول عليه إلا وقد أخذه منه ، حتى تأهل لأن يسمع ما كان يسمع ويرى ما كان يرى ، ولولا ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم لكان هو النبي من بعده ، ولذا استثنى النبي صلى الله عليه وآله وسلم النبوة قائلا له : " إلا أنك لست بنبي ، ولكنك لوزير " . وفي قوله : " ولكنك لوزير " إشارة إلى قوله عز وجل حكاية عن موسى : " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي " ( 7 ) . وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له عليه السلام : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " ( 18 ) .
[16] نهج البلاغة : 300 - 301 . ( 17 ) سورة طه : 29 . ( 18 ) هذا هو حديث المنزلة المتواتر المتفق عليه ، وقد أخرجه جميع أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن والمعاجم وسائر المحدثين في جميع القرون ، وهو من أمتن الأدلة على إمامة علي بعد النبي بلا فصل .
129
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 129