الرجال ، ثم رجل الصحبة الطويلة : وأخيرا عهد اليه الرسول بالصلاة الإمامة الصغرى ، فقاسوا الأمر بأن تكون له الإمامة الكبرى [1] . كانت هذه مبررات اختياره للإمامة ومبايعته بها . هذا ما يذكره متأخرو علماء السنة ، وبتعبير أدق : المعاصرون منهم . ولكن التاريخ الكلامي أو العقائدي لقضية الإمامة أو الخلافة ، يقول في الحادثة وتبريرها غير هذا . فقد جاء في كتاب ( الملل والنحل ) للشهرستاني - وهو من أعلام السنة - ما نصه : اختلف المهاجرون والأنصار فيها ( يعني الإمامة ) فقالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير ، واتفقوا على رئيسهم سعد بن عبادة الأنصاري ، فاستدركه أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - في الحال بان حضرا سقيفة بني ساعدة ، وقال عمر : كنت أزور [2] في نفسي كلاما في الطريق ، فلما وصلنا إلى السقيفة أردت أن أتكلم فقال أبو بكر : مه [3] يا عمر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر ما كنت أقدره في نفسي كأنه يخبر عن غيب ، فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي اليه فبايعته وبايعه الناس وسكنت الفتنة ، ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة [4] ، وقى الله المسلمين شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، فأيما رجل بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فإنهما تغرة ( 5 يجب أن يقتلا . وانما سكنت الأنصار عن دعواهم لرواية أبي بكر عن النبي ( ص ) : ( الأئمة من قريش ) . وهذه البيعة هي التي جرت في السقيفة .
[1] نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام 2 / 26 . [2] أزور : أحسن ، انمق . [3] مه : اكفف . [4] فلتة : دون تدبر وتمهل . ( 5 ) تغرة : يقال : غرر بنفسه تغريرا وتغرة إذا عرضها للهلاك .