ثم لما عاد إلى المسجد انثال [1] الناس عليه وبايعوه عن رغبة ، سوى جماعة من بني هاشم ، وأبي سفيان من بني أمية ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه كان مشغولا بما أمره النبي ( ص ) من تجهيزه ودفنه وملازمة قبره من غير منازعة ولا مدافعة [2] . وكما هو واضح من النص هذا : أن الشورى لم تتحقق تاريخيا فلم يكن في السقيفة اجتماع شامل أو على الأقل واف لمن له حق المشورة وابداء الرأي ممن يعرفون باهل الحل والعقد . ولم يدر بين من حضروا مشاورة ومفاوضة ومداولة في ترشيح من يستحقها من المسلمين . وانما كانت مبادرة وكسب موقف من الشيخين ( رض ) لئلا تكون الإمامة في الأنصار . ومع كل هذا وغيره استطاع مبدأ الشورى - بصفته النظرية لا التطبيقية لأنه لم ير النور تطبيقيا - ان يهيمن على الجو الفكري والعقائدي مدة خلافة الخلفاء الثلاثة . وبدأت قوة سيطرته وتأثيرها من قولة عمر : ان بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، فأيما رجل بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فإنهما تغرة يجب أن يقتلا . . حتى لم يستطع بنو هاشم - وهم رهط رسول الله - إثارة الاحتجاج بالنص . واستمرت تغذية هذا المبدأ سياسيا خلال هذه المدة لئلا يكون من علي وآل علي شئ يعترضه أو يعارضه ، إلى أن تسلم الإمام علي زمام الحكم بعد مقتل عثمان ، فبرز الاحتجاج منه بالنص . ولعل أول ما كان منه هذا عندما جمع الناس في ( الرحبة ) فقال : ( انشد الله كل
[1] انثال الناس : تدافعوا اليه وتكاثروا حوله . [2] 1 / 24 وانظر أيضا : مقالات الاسلاميين للأشعري ص 2 .