هي أحكام واقعية ، بمعنى انها علم يقيني لا مجال للظن فيها ، لأنها نابعة من انكشاف واقع القضية لديه موضوعا وحكما لا من استخدامه وسيلة الاجتهاد التي قد تصيب وقد تخطئ ، وذلك لاتصاله ( ص ) بالوحي ، وعدم صدور أي سلوك منه لا يلتقي مع ما يوحي به اليه ، فهو في الواقع لا يحتاج إلى الاجتهاد ، لان الاجتهاد طريق موصل إلى الحكم لدى من ليس له طريق آخر مأمون العثار والخطأ ومضمون الإصابة والوصول إلى الحكم بواقعه وهو طريق الوحي . كذلك وظيفة الإمامة تتمثل في ممارسة الامام للسلطتين الدينية والسياسية . بينما ذهب أهل السنة إلى أن الإمامة وظيفة سياسية تعتمد على اجتهاد الامام ، كما كان الرسول - كما يرون - يعتمد في سياسته بصفته رئيسا للدولة على اجتهاده ، ذلك انهم فرقوا بين احكام الدين واحكام السياسة ، ومالوا إلى اعتبار الرسول مجتهدا في الشؤون السياسة وكل ما يتصل بسلطته الزمنية ، يقول ابن القيم : السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد ، وان لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي ، ومن قال لا سياسة الا بما نطق به الشرع فقد غلط وغلط الصحابة [1] . فالسنة كما هو واضح مما تقدم - يفصلون بين احكام الدين واحكام السياسة كالذي هو معروف حاليا في الفكر القانوني المعاصر ، والذي يوسم ب ( نظرية الفصل بين الدين والدولة ) . ونخلص من هذا إلى أن الشيعة انما قالوا بان وجوب نصب الإمام بالنص أو التعيين من الله ، لأن الامام عندهم امتداد لوظيفة النبوة روحيا وسياسيا ، فكما أن النبي يعين من قبل الله تعالى كذلك الامام . أما السنة فلأنهم فصلوا بين السلطتين الروحية والزمنية واعتبروا الامام قائما بوظيفة النبي الزمنية أو السياسية ، وهي تعتمد الاجتهاد ، قالوا يتم نصبه عن طريق اختيار الناس له .
[1] الزيدية 30 ونص ابن القيم منقول عن الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص 7 .