بيان دليل الشيعة : قال الفاضل المقداد : ان الإمامة لطف ، وكل لطف واجب على الله ، فالامامة واجبة على الله تعالى . أما الكبرى فقد تقدم بيانها . وأما الصغرى فهو أن اللطف - كما عرفت - ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية ، وهذا المعنى حاصل في الإمامة . وبيان ذلك : أن من عرف عوايد الدهماء وجرب قواعد السياسة ، علم ضرورة أن الناس إذا كان لهم رئيس مطاع مرشد فيما بينهم يردع الظالم عن ظلمه والباغي عن بغيه وينتصف للمظلوم من ظالمه ، ومع ذلك يحملهم على القواعد العقلية والوظائف الدينية ويردعهم عن المفاسد الموجبة لاختلال النظام في أمور معاشهم وعن القبائح الموجبة للوبال في معادهم بحيث يخاف كل مؤاخذته على ذلك ، كانوا مع ذلك إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد ، ولا نعني باللطف الا ذلك ، فتكون الإمامة لطفا وهو المطلوب . واعلم : أن كل ما دل على وجوب النبوة فهو دال على وجوب الإمامة ، إذ الإمامة خلافة عن النبوة ، قائمة مقامها الا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة ، وكما أن تلك واجبة على الله تعالى في الحكمة ، فكذا هذه [1] . ويرجع هذا الاختلاف بين المذهبين الشيعي والسني إلى مدى سعة وضيق جهة الالتقاء بين النبوة والإمامة . ذلك أن الشيعة يرون أن الإمامة في وظيفتها هي امتداد للنبوة ، فكما كانت وظيفة النبي تتمثل في ممارسته للسلطتين الدينية والسياسية ، وان السلطة السياسية هي من الدين وليست اجتهادا من النبي لأن النبي - في رأيهم - غير ممكن أن يرجع إلى اجتهاد ، لأن الاجتهاد عرضة للخطأ ، ولأن نتائجه ظنية ، والنبي معصوم ، والمعصوم لا يخطأ . مضافا اليه : أن احكامه التي يقوم بتطبيقها بصفته رئيسا للدولة ، أي سياسيا ،