قلنا : استغني عن نقله بالاجماع ، أو كان من قبيل ما لا يمكن نقله من قرائن الأحوال التي لا يمكن معرفتها الا بالمشاهدة والعيان لمن كان في زمن النبي ( ص ) . الثاني : أن فيه دفع ضرر مظنون وأنه واجب إجماعا . بيانه : أنا نعلم علما يقارب الضرورة أن مقصود الشارع فيما شرع من المعاملات والمناكحات والجهاد والحدود والمقاصات واظهار شعار الشرع في الأعياد والجمعات ، انما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشا ومعادا ، وذلك لا يتم الا بامام يكون من قبل الشارع يرجعون اليه فيما يعن لهم ، فإنهم - مع اختلاف الأهواء وتشتت الآراء ، وما بينهم من الشحناء - قلما ينقاد بعضهم لبعض ، فيفضي ذلك إلى التنازع والتواثب ، وربما أدى إلى هلاكهم جميعا ، ويشهد له التجربة ، والفتن القائمة عند موت الولاة إلى نصب آخر ، بحيث لو تمادى لعطلت المعايش ، وصار كل أحد مشغولا بحفظ ماله ونفسه تحت قائم سيفه ، وذلك يؤدي إلى رفع الدين وهلاك جميع المسلمين . فان قيل : وفيه اضرار ، وأنه منفي بقوله عليه السلام : ( لا ضرر ولا ضرار في الاسلام ) . وبيانه من ثلاثة أوجه : الأول : تولية الانسان على من هو مثله ليحكم عليه فيما يهتدي اليه وفيما لا يهتدي إضرار به لا محالة . الثاني : قد يستنكف عنه بعضهم كما جرت به العادة ، فيفضي إلى الفتنة . الثالث : أنه لا يجب عصمته - كما سيأتي - فيتصور منه الكفر والفسوق ، فإن لم يعزل أضر بالأمة بكفره وفسقه ، وان عزل أدى إلى الفتنة . قلنا : الاضرار اللازم من تركه أكثر بكثير ، ودفع الضرر الأعظم عند التعارض واجب [1] .