نام کتاب : حديث الطلب والإرادة نویسنده : السيد الخميني جلد : 1 صفحه : 72
وقالوا : لا مجال للعقل في تحسين الأفعال وتقبيحها وليس في دار الوجود فاعل وسبب غيره ، وأما المسماة بالأسباب والعلل فليست أسبابا على الحقيقة ، وإنما جرت عادة الله تعالى بارتباط الأشياء بها ظاهرا ولا دخل لها في إيجادها . وبعبارة أخرى : أن الله تعالى أجرى عادته بأن يوجد الأشياء عقيب تلك المسماة بالأسباب . فالنظر التوحيدي يرى أن كلا من الأسباب والمسببات صادرة منه تعالى ابتداء . وفي ذلك تعظيم الله تعالى وتنزيهه من الشرك والحاجة إلى الوسائط في مقام الإفاضة والإيجاد . فالفريقان - كما تراهما - في شقاق بعيد ، بل كلاهما عمياوان . أما الجبري : حيث حط الواجب تعالى عن علو مقامه إلى حدود بقعة الإمكان ونسي تنزيهه تعالى ونسب إليه الخسائس والقبائح فهو كافر عميت عينه اليمنى ، فسرى عماها إلى عينه اليسرى ، فإن النظر الأقوى الذي يدرك به الحقائق كان في الجبري مؤوفا ، فسرى آفته إلى النظر الذي يدرك به الأسباب الظاهرة ، فصارت عينه اليسرى مؤوفة أيضا . وأما التفويضي : حيث أخرج الممكن من حده إلى حد الواجب بالذات فهو مشرك وعينه اليسرى عمياء ، فسرى عماها إلى عينه اليمنى ، فإن نظره إلى الأسباب الظاهرة منقطعا عن رؤية الواحد القهار ومعيته لكل شئ كان مؤوفا ، فسرى آفته إلى نظره الأقوى وعينه اليمنى ، فصارت عمياء . وينبغي أن يتنبه : أن في المأثورات عن العترة الطاهرة أنهم - صلوات الله عليهم أجمعين - يطلقون القدرية على الفريقين كليهما ، فيناسب المقام ذكر بعض تلك المأثورات مع الإشارة إلى بعض ما فيها من المعارف ، بتوفيق من الله تعالى فإنه الموفق المعين : أما إطلاق القدرية على الجبري : ففي الخبر المشهور كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه ، ثم قال له : يا أمير
72
نام کتاب : حديث الطلب والإرادة نویسنده : السيد الخميني جلد : 1 صفحه : 72