نام کتاب : حديث الطلب والإرادة نویسنده : السيد الخميني جلد : 1 صفحه : 67
ولعله إليه أشار في قوله ، وهو الحق : * ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) * ( 1 ) حيث أثبت الرمي من حيث نفاه فقال : * ( وما رميت إذ رميت ) * ، فإن الرمي كونه منه لم يكن بقوته واستقلاله بل بقوة الله وحوله ، وقوله : * ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) * ( 2 ) فأثبت المشية لله من حيث كونها لهم ، لا بأن يكون المؤثر مشيتين أو فعلين بالاشتراك ، بل بما أن مشية الممكن ظهور مشيته تعالى وعين الربط والتعلق بها [ 24 ] . فالعالم وما سوى الله - عز وجل - بالنسبة إليه كالظل إلى الشخص ، فكما أن الظل لا وجود له إلا بالشخص ولا أثر له إلا بالشخص ، كذلك العالم لا وجود له ولا آثار له إلا بالله ، وهو قائم على كل نفس بما كسبت ، وهو نور السماوات والأرض . وكما أن الظل تابع ولازم للشخص وربط صرف به ، كذلك العالم تبع وربط صرف بالله سبحانه ، لأنه صور أسمائه ومظهر صفاته العليا . فالظل موجود في الحس بلا ارتياب . ولكن إذا كان هناك من يظهر فيه ذاك الظل ، وكذلك الظل الإلهي المعبر عنه بالعالم محل ظهوره هو الماهيات وأعيان الممكنات التي امتد عليها هذا الظل ، فإذن آثار الظل كما أنها آثاره في تعينها آثار لذي الظل . فكذلك الآثار والأفعال المترتبة على أي ممكن ، كما أنها آثاره وأفعاله فهي بعينها آثار وأفعال له تعالى على ما هو مقتضى البرهان ، ويعرفه من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . [ 24 ] يكاد أن يقول وارث سيد المرسلين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الطريق الدقيق في بيان المذهب الحق هو ما يهدينا إليه القرآن الحكيم من أقوم الطرق إلى التوحيد الخالص والنظر إلى الحق في الخلق ، فإنه قد جمع بين نفي الرمي عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإثباته له من جهة واحدة ، فقفاه بإثبات هذا الرمي المتعين لله تعالى مع كونه فعل العبد الذي هو موضوع هذا