وعن موسى بن عامر أن المختار قال ذات يوم وهو يحدِّث جلساءه : لأقتلن غداً رجلا عظيم القدمين ، غائر العينين ، مشرف الحاجبين ، يسرُّ قتله المؤمنين والملائكة المقربين . قال : وكان الهيثم بن الأسود النخعي عند المختار حين سمع هذه المقالة ، فوقع في نفسه أن الذي يريد عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فلمَّا رجع إلى منزله دعا ابنه العريان فقال : ألق ابن سعد الليلة ، فخبِّره بكذا وكذا ، وقل له : خذ حذرك ، فإنه لا يريد غيرك ، قال : فأتاه فاستخلاه ، ثمَّ خبَّره الخبر ، فقال له ابن سعد : جز الله بالإخاء أباك خيراً ، كيف يريد هذا بي بعد الذي أعطاني من العهود والمواثيق ؟ وكان المختار أول ما ظهر أحسن شيء سيرةً وتألُّفاً للناس ، وكان عبد الله بن جعدة بن هبيرة أكرم خلق الله على المختار لقرابته بعليّ ، فكلَّم عمر بن سعد عبد الله بن جعدة وقال له : إني لا آمن هذا الرجل - يعني المختار - فخذ لي منه أماناً ، ففعل ، قال : فأنا رأيت أمانه وقرأته وهو : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا أمان من المختار بن أبي عبيد لعمر بن سعد بن أبي وقاص ، إنك آمن بأمان الله على نفسك وأهلك ومالك وأهل بيتك وولدك ، لا تؤاخذ بحدث كان منك قديماً ما سمعت وأطعت ولزمت رحلك وأهلك ومصرك ، فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله وشيعة آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) وغيرهم من الناس فلا يعرض له إلاَّ بخير ، شهد السائب بن مالك ، وأحمر بن شميط ، وعبد الله بن شدَّاد ، وعبد الله بن كامل وجعل المختار على نفسه عهد الله وميثاقه ليفين لعمر بن سعد بما أعطاه من الأمان إلاَّ أن يحدث حدثاً ، وأشهد الله على نفسه وكفى بالله شهيداً . قال : وكان أبو جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) يقول : أمَّا أمان المختار لعمر بن سعد إلاَّ أن يحدث حدثاً فإنه كان يريد به إذا دخل الخلاء فأحدث . قال : فلمَّا جاءه العريان بهذا خرج من تحت ليلته حتى أتى حمَّامه ، ثمَّ قال في