نفسه : أنزل داري ، فرجع فعبر الروحاء ، ثمَّ أتى داره غدوة ، وقد أتى حمَّامه ، فأخبر مولى له بما كان من أمانه وبما أريد منه ، فقال له مولاه : وأيُّ حدث أعظم مما صنعت ، إنك تركت رحلك وأهلك ، وأقبلت إلى ها هنا ، ارجع إلى رحلك ولا تجعل للرجل عليك سبيلا ، فرجع إلى منزله فأُتي المختار بإنطلاقه ، فقال : كلا ، إن في عنقه سلسلة ستردّه ، لو جهد أن ينطلق ما استطاع . قال : وأصبح المختار فبعث إليه أبا عمرة ، وأمره أن يأتيه به ، فجاءه حتى دخل عليه ، فقال : أجب ، فقام عمر فعثر في جبّة له ، ويضربه أبو عمرة بسيفه ، فقتله ، وجاء برأسه في أسفل قبائه حتى وضعه بين يدي المختار ، فقال المختار لابنه حفص بن عمر بن سعد - وهو جالس عنده - أتعرف هذا الرأس ؟ فاسترجع ، وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده ، قال له المختار : صدقت فإنك لا تعيش بعده ، فأمر به فقُتل فإذا رأسه مع رأس أبيه . ثمَّ إن المختار قال : هذا بحسين ، وهذا بعلي بن حسين رحمهما الله ، ولا سواء ، والله لو قتلت ثلاثة أرباع قريش ما وفوا بأنملة من أنامله ، فلمَّا قتل المختار عمر بن سعد وابنه بعث برأسيهما مع مسافر بن سعيد بن نمران الناعطي ، وظبيان بن عمارة التميمي حتى قدما به على محمد بن الحنفية ، وكتب إلى ابن الحنفية في ذلك كتاباً ( 1 ) . وأمَّا حرملة بن كاهل فقد انتقم الله تعالى منه شرَّ انتقام ، فهو قاتل عبد الله الرضيع ، وهو الذي رمى العباس بن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بسهم فأصاب عينه ، وهو الذي حمل رأس الحسين ( عليه السلام ) ، وقد انتقم الله منه على يد المختار الثقفي ، روى الشيخ الطوسي عليه الرحمة ، عن المنهال بن عمرو قال : دخلت على علي بن الحسين ( عليهما السلام ) منصرفي من مكة ، فقال لي : يا منهال ، ما صنع حرملة بن كاهلة الأسدي ؟ فقلت : تركته حيّاً بالكوفة ، قال : فرفع يديه جميعاً ، فقال : اللهمَّ أذقه حرَّ الحديد ، اللهمَّ
1 - تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 45 / 56 - 58 ، تاريخ الطبري : 4 / 531 - 532 .