فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة ، فأخرجوه ، وكان المختار يسير بالكوفة ، ثمَّ إنَّه أقبل في أثر أصحابه ، وقد بعث أبو عمرة إليه رسولا ، فاستقبل المختار الرسول ، عند دار أبي بلال ومعه ابن كامل ، فأخبره الخبر . فأقبل المختار نحوهم ، فاستقبل به فردَّده حتى قتله إلى جانب أهله ، ثمَّ دعا بنار فحرقه بها ، ثُمَ لم يبرح حتى عاد رماداً ، ثمَّ انصرف عنه ، وكانت امرأته من حضرموت ، يقال لها : العيوف بنت مالك بن نهار بن عقرب ، وكانت نصبت له العداوة حين جاء برأس الحسين ( عليه السلام ) ( 1 ) . ومما جاء في سوء عاقبة بحر بن كعب لعنه الله تعالى - وهو الذي سلب ثوب الحسين ( عليه السلام ) - قال بعض الرواة في ذلك : ولمَّا بقي الحسين ( عليه السلام ) في ثلاثة رهط أو أربعة دعا بسراويل محقّقة ، يلمع فيها البصر ، يمانيّ محقّق ، ففزره ونكثه لكيلا يسلبه ، فقال له بعض أصحابه : لو لبست تحته تبَّاناً ، قال ( عليه السلام ) : ذلك ثوب مذلّة ولا ينبغي لي أن ألبسه ، قال : فلمَّا قُتل أقبل بحر بن كعب فسلبه إياه فتركه مجرَّداً ، قال محمد بن عبد الرحمن : إن يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء ينضحان الماء ، وفي الصيف كأنهما عود ( 2 ) . وقال عمارة بن عمير : لما جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه ، فنصبت في المسجد في الرحبة ، فانتهيت إليهم وهم يقولون : قد جاءت ، فإذا حيَّة قد جاءت تتخلَّل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله بن زياد ، فمكثت هنيهة ثمَّ خرجت ، فذهبت حتى تغيب ، ثمَّ قالوا : قد جاءت ، قد جاءت ، ففعلت ذلك مرَّتين أو ثلاثاً ( 3 ) .
1 - تاريخ الطبري : 4 / 531 . 2 - تاريخ الطبري : 4 / 345 . 3 - سنن الترمذي : 5 / 325 - 326 ح 3869 ، البداية والنهاية ، ابن كثير : 8 / 208 ، المعجم الكبير ، الطبراني : 3 / 112 ح 2832 ، سير أعلام النبلاء : 3 / 548 - 549 ، تأريخ دمشق : 37 / 461 .