نام کتاب : الشافي في الامامة نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 70
ينصب الأئمة في نصبهم دفع ما يقع من المفسدين من الظلم والعدوان على ما ادعيتم فقد صار واجبا عليهم أن يلطفوا لغيرهم فيما يتعلق بالدين وفساد ذلك ظاهر ، وإذا فسد لم يبق إلا أن غرضهم في نصب الرؤساء مقصور على المصالح الدنياوية ، ودفع المضار العاجلة ، واجتلاب المنافع الحاضرة ، وذلك أن غرض العقلاء في نصب الرؤساء ليس بمقصور على أن لا يقع من غيرهم فعل القبيح . بل على أن لا يقع من غيرهم ومنهم أيضا فعل ما يقبح في عقولهم مما وجود الرؤساء يرفعه أو يقلله ، فقد عاد الأمر إلى أن ذلك لا يتعلق بالدنيا ، ويجب لأمر يتعلق بالدين ، على أنه لا أحد من العقلاء يجب عليه في الحقيقة عندنا - نصب الرؤساء وإقامتهم ، لأنا إنما نوجب ذلك على الله تعالى ، ونحيل [1] أن يكون نصب الإمام مما تمكن منه العقلاء بآرائهم واختيارهم ، وإنما ظن بعض العقلاء أن ذلك واجب عليه ففزع عند هذا الظن إلى نصب الرؤساء من حيث جهل ما ذكرناه من اختصاص ذلك بالله تعالى دون البشر ، وليس يجب إذا اعتقدوا وجوبه عليهم أن يكون واجبا في الحقيقة ، وموضع تعلقنا بفعلهم ، وما يعلمونه من الصلاح بوجود الرؤساء ، والفساد بفقدهم باق ، ولا يقدح فيه اعتقادهم أن إقامته من فروضهم ، لأننا قد بينا ما أدخلهم في هذا الاعتقاد الفاسد وكشفناه ، والفرق بين الوكيل والأمير والإمام واضح ، لأنا قد دللنا فيما تقدم على أن الحاجة إلى الرؤساء والأمراء ثابتة غير زائلة ، وليس كذلك الحاجة إلى الوكيل فإن من لا ضيعة له ولا عقار له ، ولا ما يجري مجراهما مما يتصرف فيه الوكلاء لا حاجة به إلى الوكيل ، ولا يعده العقلاء في ترك الاستعانة بوكيل مهملا ومفرطا ، وليس نجد أحدا