نام کتاب : الشافي في الامامة نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 232
أمة وسطا ) ، إذا سلم أن المراد جعلناكم عدولا خيارا لا يدل أيضا على ما يريده الخصم ، لأنه لم يبين هل جعلهم عدولا في كل أقوالهم وأفعالهم أو في بعضها ؟ والقول محتمل وممكن أن يكون أراد تعالى أنهم عدول فيما يشهدون به في الآخرة ، أو في بعض الأحوال ، فإن رجع راجع إلى أن يقول : إطلاق القول إنما يقتضي العموم ، وليس هو بأن يحمل على بعض الأحوال أو الأقوال أولى من بعض ، فقد مضى الكلام على ما يشبه هذا مستقصى . فأما حمل الأمة [1] على النبي صلى الله عليه وآله في باب الشهادة ، وكونه حجة فيها ، فلم يكن قول النبي صلى الله عليه وآله حجة من حيث كان شهيدا ، بل من حيث كان نبيا معصوما فتشبيه أحد الأمرين بالآخر من البعيد . ومما يسقط التعلق بالآية أيضا أن قوله تعالى : ( لتكونوا شهداء ) يقتضي حصول كل واحد منهم بهذه الصفة ، لأن ما جرى هذا المجرى من الأوصاف لا بد أن يكون حال الواحد فيه كحال الجماعة ، ألا ترى أنه لا يسوغ أن يقال في جماعة : إنهم مؤمنون إلا وكل واحد منهم مؤمن ؟ ، فكذلك لا يسوغ أن يقال : أنهم شهداء إلا وكل واحد منهم شهيد ، لأن شهداء جمع شهيد ، كما أن مؤمنين جمع مؤمن ، وهذا يوجب أن يكون كل واحد منهم - أعني من الأمة - حجة مقطوعا على صواب فعله وقوله ، وإذا لم يكن هذا مذهبا لأحد ، وكان استدلال الخصوم بالآية يوجبه فسد قولهم ، ووجب صرف الآية إلى جماعة يكون كل واحد منهم شهيدا وحجة ، وهم الأئمة عليهم السلام الذين ثبتت عصمتهم وطهارتهم .