و ( ثانيا ) أنه لا وجه لمنع الشيخ شد الرحال إلى زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير رواية البخاري ، وهي مردودة من وجوه : أولها : إعراض المسلمين عنها لو كانت لها دلالة ، لاستمرار سيرتهم على شد الرحال من الأماكن البعيدة إلى زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته ، كما كان يشد إليه الرحال على حياته ، فلقياس أحد الحالتين على الأخرى مدرك واضح ، سيما بالنظر إلى قوله : من زارني بعد موتي فكأنما زارني حيا . وثانيها : مخالفتها للنصوص المذكورة الصحيحة المعتضدة بعمل الأصحاب الصريحة في جواز شد الرحال إلى زيارة قبر النبي وقبور أصحابه وأهل بيته من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : من حج ولم يزرني فقد جفاني وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : من حج وقصدني في مسجدي كانت له حجتان ) ولم يقل صلى الله عليه وآله وقصد مسجدي كما قاله الشيخ . وثالثها : إن المستثنى منه الحديث ، إما خصوص المساجد أو عموم الأسفار . فعلى الأول : المعنى لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد إلا إلى ثلاثة مساجد . كما صرح بالمستثنى منه الشيخ سليمان النجدي في الهدية السنية فائلا : وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا تشد الرحال إلى مسجد إلا لثلاثة مساجد : المساجد الحرام والمسجد الأقصى ، ومسدي هذا .