مستوراً ، ألا وهو أنّ لقرابة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كرامات لا تخفى فهم القوم الذين لو أقسموا على الله لأبرّهم ، والدّليل أنّ عمر لما مسّه الضرّ وأحسّ بالقحط والمجاعة التي تهدّد المسلمين بالهلاك ، عند ذلك التجأ إلى الله بقرابة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنزل المطر بإذن ربِّه كرامة لقرابة الرّسول ، كما جاء ذلك في صحيح البخاري . فأين الوهابيّة الجاحدة لهذه الحقائق الدّامغة ؟ ! وأين المسلمون الذين حجبوا أنفسهم لمعرفة هذا الحق ؟ ! وهذا ما يذكّرني بأحد علماء الزيتونة عندنا في تونس وهو الشيخ جلّول الجزيري ; ، وقد منَّ الله عليه بالاستبصار عن طريقي ، وقد كتب كتابه الأخير وذكر فيه حادثة الغدير وبيعة أمير المؤمنين ، وفضائل أهل البيت وكرامتهم على الله ، وحدّثني رواية أنّ تونس العاصمة أصابها قحط ومجاعة حتّى كاد يهلك النّاس ، ورغم أنّهم صلّوا صلاة الاستسقاء عدة مرّات ولكن منعت السّماء وجفّت الأرض ، فجاء النّاس يشتكون إلى أحد الصالحين وهو العلاّمة الشيخ إبراهيم الرّياحي وطلبوا منه أن يدعو الله لعلّه يستجاب له ، فقال لهم : اجمعوا لي مائة رجل من الأشراف [1] لأصلّي بهم صلاة الاستسقاء فجاءه مائة رجل من الأشراف فصلّوا صلاة الاستسقاء ، فلم يكملوا صلاتهم وكان الحرّ شديداً فإذا بالمطر ينزل كأفواه القرب ، وتواصلت ثلاثة أيام ، وسالت الأودية بغزارة حتّى خافوا من الغرق [2] هذه كرامات أهل البيت في كلّ زمان وفي كلّ مكان .
[1] الأشراف في تونس هم السّادة من نسل الشرف الذي ينحدر من نسل النبي عن طريق علي وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) . [2] كما ذكر الشيخ جلول الجزيري في كتابه المسمّى " الفوائد الفاخرة لزاد الدنيا والآخرة " في صفحة 78 نقلاً عن تاريخ ابن ضياف ، أنّه لما نزل الوباء بتونس اجتمع شيوخ العلم بجامع الزيتونة وقرّروا أن يجمعوا أربعين شريفاً ويكون اسمهم محمد ويدعون لرفع الوباء ، فجمعوهم فأنقذهم الله بسببهم ورُفع الوباء .