بأحدهما ويكتال بالآخر فدعوت بهما فضربت أحدهما بالآخر حتّى كسرتهما ثمّ سألت الرجل فقال : ما يزداد الأمر عليّ إلَّا عظما .
* ( [ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ ] ) * أي من الناس ويريدون أن يشتروا منهم والاكتيال الأخذ بالكيل * ( [ يَسْتَوْفُونَ ] ) * أي يأخذون الوافي وتبديل كلمة « من » بعلى لتضمين الاكتيال معنى الاستيلاء أو للإشارة إلى أنّه اكتيال مضرّ بهم والمراد من الاستيفاء الأخذ الوافر لا أخذ الوافي من غير نقص ، بل كانوا يأخذون الزائد بأيّ وجه يتيسّر لهم من وجوه الحيل بكبس الكيل وتحريك المكيال والاحتيال في ملأته وألسنة الموازين .
* ( [ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ ] ) * أي إذا كالوا للناس بالكيل أو وزنوا بالميزان المبيع لهم * ( [ يُخْسِرُونَ ] ) * وينقصون حقوقهم . قال بعض السالكين : إنّ من يحسّن العبادة على رؤية الناس ويسئ إذا خلا فهو داخل في المطفّفين فضلا عن المرائين .
* ( [ أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ ] ) * أي ألا يعلمون هؤلاء المطفّفون ؟ و « ألا » هذه ليست للتنبيه بل الهمزة الاستفهاميّة الإنكاريّة داخلة على أذلاء النافية ، ويجوز أن يكون للتحضيض على الظنّ .
* ( [ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ] ) * لا يقادر قدر عظم ما فيه من الأهوال ، ومحاسبون فيه على مقدار الذرّة والخردلة فإنّ من يظنّ ذلك وإن كان ظنّا ضعيفا في حدّ الشكّ والوهم لا يتجاسر على أمثال تلك القبائح فذكر الظنّ إذا لم يكن بمعنى العلم في الآية للمبالغة في المنع عن التطفيف وإلَّا فالمؤمن لا يكفي له الظن في أمر البعث والمحاسبة بل لا بدّ من الاعتقاد الجازم .
* ( [ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ] ) * أي لأمر ربّ العالمين ، روي أنّهم يقومون بين يدي اللَّه أربعين عاما وفي رواية ثلاثمائة سنة ، وعرق أحدهم إلى أنصاف أذنيه لا يأتيهم خبر ولا يؤمر فيهم بأمر وهذا في حقّ الكافر وأمّا في حقّ المؤمن فيكون المكث كقدر انصرافهم من صلاة مفروضة . وقال أعرابيّ لعبد الملك بن مروان : إنّك قد سمعت ما قال اللَّه في المطفّفين ؟ وأراد بذلك أنّ المطفّف قد توجّه عليه الوعيد