يبين الأشياء والكوكب المبين هو الشمس ، وإسناد الإبانة إلى مطلعها باعتبار سببيّتها لها .
روي أنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله سأل جبرئيل أن يتراءى له في صورته الَّتي خلقه اللَّه عليها فقال جبرئيل : وما ذاك إليّ فاذن له فأتاه عليها وذلك في جبل حراء في أوائل البعثة فرآه رسول اللَّه قد ملأ الآفاق بكلكلة رجلاه في الأرض ورأسه في السماء ، جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب وله ستّمائة جناح من الزبرجد فغشي عليه صلَّى اللَّه عليه وآله فتحوّل جبرئيل في صورة بني آدم وضمّه إلى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه فقيل لرسول اللَّه : ما رأيناك مذ بعثت أحسن منك اليوم فقال صلَّى اللَّه عليه وآله : « جاءني جبرئيل في صورته فعلق بي هذا من حسنه » وما رآه أحد من الأنبياء غيره في صورته فهو من خصائصه .
واعلم أنّ وقوع الغشيان إنّما هو من كمال العلم والاطَّلاع بقدرة اللَّه حين الرؤية كما غشي على جبرئيل ليلة الإسراء حين رأى الرفرف ولم يغش على رسول - اللَّه وقال صلَّى اللَّه عليه وآله : « فعلمت فضل جبرئيل في العلم » فكأنّه صلَّى اللَّه عليه وآله أشار إلى فضل نفسه أيضا لمّا غشي عليه برؤية جبرئيل على صورته الأصليّة .
* ( [ وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ] ) * أي هو صلَّى اللَّه عليه وآله ليس على وحي اللَّه بمتّهم فإنّ أحواله شاهدة بالصدق والأمانة ، وقرئ بالضاد فالمعنى أنّه صلَّى اللَّه عليه وآله ليس ببخيل فيما يؤدّي عن اللَّه أن يعلَّمه كما علَّمه اللَّه فيكتمه كما يكتم الكاهن ما عنده حتّى يأخذ عليه حلوانا واجرة ويسأل تعليمه فلا يعلَّمه إلَّا بالأجرة .
* ( [ وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ ] ) * أي قول بعض المسترقة للسمع ، دلّ عليه توصيفه بالرجيم لأنّه بمعنى المرميّ بالشهب ، أو المراد المرجوم باللعن وهذا ردّ لقولهم كانوا يقولون : إنّ الشيطان يلقي إليه كما يلقي إلى الكهنة .
* ( [ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ] ) * استضلال فيما يقولون في أمر القرآن و « أين » ظرف مكان مبهم منصوب بتذهبون ، أي فأيّ طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة الحقّة وهو طريق القرآن ؟