لكن أحدهما متميّز عن الآخر في علم اللَّه مثل أنّه ما كان فكان كذلك فيكون فليس كون الثاني بأبعد من الأوّل .
* ( [ قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ ] ) * أي إن كان الأمر على ما يقوله محمّد من أنّا نبعث ونعاقب فذلك البعث والرجوع بعد الموت لنا « كرّة » ذات خسران أو خاسرة أصحابها وكان ذلك القول منهم في الدنيا على سبيل الاستهزاء لأنّهم كانوا استحالوا وقوعه .
فأجاب اللَّه بقوله : * ( [ فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ] ) * أي لا تحسبوا تلك الكرّة صعبة بل هي هيّنة فإنّما هي صيحة حاصلة لا تكرّر يسمعونها وهم في بطون الأرض عبّر سبحانه الكرّة بالزجرة مع أنّ الزجرة سبب لحصول الكرّة تنبيها على كمال اتّصالها بها كأنّها عينها .
* ( [ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ] ) * أي فاجؤوا الحصول بالساهرة وحضروا الموقف عقيب الزجرة . والساهرة الأرض البيضاء المستوية خالية عن الماء والكلاء قيل لها « ساهرة » لأنّ سالكها لا ينام فيها خوف الهلكة وقال ابن عبّاس : إنّ الساهرة أرض من فضّة لم يعص اللَّه عليها قطَّ خلقها حينئذ . وقيل : المراد من الساهرة أرض الشام قرب بيت المقدس اسمها ساهرة ويكون الجمع هناك عندما يبدّل اللَّه الأرض غير الأرض وهي عرصة القيامة .
[ سورة النازعات ( 79 ) : الآيات 15 إلى 26 ] هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى ( 15 ) إِذْ ناداه ُ رَبُّه ُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً ( 16 ) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّه ُ طَغى ( 17 ) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى ( 18 ) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى ( 19 ) فَأَراه ُ الآيَةَ الْكُبْرى ( 20 ) فَكَذَّبَ وَعَصى ( 21 ) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى ( 22 ) فَحَشَرَ فَنادى ( 23 ) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى ( 24 ) فَأَخَذَه ُ اللَّه ُ نَكالَ الآخِرَةِ وَالأُولى ( 25 ) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى ( 26 ) * ( [ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى ] ) * كلام مستأنف وارد لتسلية الرسول عن تكذيب قومه بأنّه يصيبهم مثل ما أصاب من كان أقوى منهم كأنّه سبحانه قال : « هل أتاك حديث موسى » قبل هذا أم أنا أخبرك به ؟ أو يكون « هل أتاك » أي أليس قد أتاك حكاية