فالجواب روي بأنّه طلب من اللَّه أن يحمل عليه بعض صعوبة الموت تخفيفا عن امّته فإنّه بالمؤمنين رؤوف رحيم وأيضا يحتمل أن يبتليه اللَّه بذلك ليدعو اللَّه في أن يجعل الموت لأمّته سهلا يسيرا وفيه تسلية امّته إذا وقع لأحد منهم شيء من ذلك الكرب عند الموت وأيضا راحة الكمّلين في الشدّة لأنّها من باب الترقّي في الدرجات على أنّ مزاجه الشريف أعدل الأمزجة فاحسّ بالألم أكثر من غيره إذ الخفيف على الأخفّ ثقيل .
* ( [ وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً ] ) * قسم آخر على العطف والسبح المرّ السريع في الماء أو في الهواء أقسم اللَّه بطوائف الملائكة الَّتي تسبح وتسرع في مضيّها من السماء إلى الأرض مسرعين مشبهين في سرعة نزولهم بمن يسبح في الماء كما يقال للفرس الجواد سابح . وقيل : إنّها النجوم تسبح في فلكها . وقيل : هي خيل الغزاة تسبح في عدوها .
وقيل : هي السفن تسبح في الماء .
* ( [ فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً ] ) * قيل : إنّها الملائكة لأنّها سبقت ابن آدم بالخير والإيمان والعمل الصالح . وقيل : إنّها تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء وقيل : إنّها تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنّة عن عليّ عليه السّلام وقيل : إنّها أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الَّذين يقبضونها وقد عاينت السرور شوقا إلى رحمة اللَّه . وقيل : النجوم تسبق بعضها بعضا في السير وقيل : إنّها الخيل تسبق بعضها بعضا في العدو .
* ( [ فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً ] ) * قيل : إنّها الملائكة تدبّر أمر العباد من السنة إلى السنة عن عليّ عليه السّلام وقيل : المراد جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت يدبّرون أمر الدنيا فأمّا جبرئيل فموكّل بالرياح وأمّا ميكائيل فموكّل بالقطر والنبات وأمّا ملك الموت فموكّل بقبض الأنفس وأمّا إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم . وقيل :
إنّها الأفلاك يقع فيها أمر اللَّه فيجري بها القضاء في الدنيا .
وبالجملة أقسم اللَّه بهذه الأشياء أو بربّ هذه الأشياء الَّتي عدّدها وهذا ترك الظاهر بغير دليل وللَّه أن يقسم بما شاء من خلقه وليس لخلقه أن يقسموا إلَّا به وجواب القسم محذوف والتقدير « لتبعثنّ » لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة .