بقولهم « 1 » : « يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ » فيجابون « إِنَّكُمْ ماكِثُونَ » .
وبالجملة فالحجّة في الآيات الإحالة على العرف في فهم الآيات والنصوص وأنّهم لا يخاطبون بما لا يعرفون فإنّهم لا يعرفون في قوله : « 2 » « خالِدِينَ فِيها أَبَداً . . . وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ . . . لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيه ِ مُبْلِسُونَ » إلَّا عدم انقطاع العذاب ومعلوم بالضرورة أنّه ما ورد من الأنبياء ولا من الأئمّة مثل هذه التأويلات في مثل هذه الآيات أبدا فلا بدّ أن يضرب بالحائط هذه التأويلات الفاسدة انتهى .
* ( [ جَزاءً وِفاقاً ] ) * أي جوزوا بذلك جزاء وفاقا لأعمالهم وعقائدهم ووافقها وفاقا لأنّهم أتوا بمعصية عظيمة فعوقبوا عقابا عظيما « وجزاء سيّئة سيّئة مثلها » لأنّ الكفّار كان من نيّاتهم الاستمرار على الكفر ولو عمروا عمر الدنيا بل عمر الآخرة .
ثمّ علَّل استحقاقهم بقوله : * ( [ إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً ] ) * ينكرون الآخرة ولا يخافون أن يحاسبوا بأعمالهم ويقدمون في كلّ ما اشتهت نفوسهم ويستعمل الرجاء في الخوف قال الهذليّ : « إذا لسعته النحل لم يرج لسعها » * ( [ وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً ] ) * وقد أنكروا آياتنا ورسلنا كذّابا أي تكذيبا مفرطا .
* ( [ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناه ُ كِتاباً ] ) * أي وكلّ شيء من أعمالهم حفظناه حال كونه مكتوبا عليهم والإحصاء والكتابة في الضبط معنى متقارب ويجوز أن يكون من باب الاحتباك « 3 » ، حذف الفعل الثاني بقرينة الأوّل ومصدر الأوّل بقرينة الثاني والتقدير أي أحصيناه إحصاء وكتبناه كتابا .
* ( [ فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً ] ) * والفاء في فذوقوا جزائيّة دالَّة على أنّ الأمر بالذوق مسبّب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات وأنّ كلّ عذاب يأتي بعد الوقت الأوّل فهو زائد عليه ويزود العذاب ويتجدّد غير الأوّل إلى ما لا نهاية .