كالنقرة في الصخرة لأنّهم ينفلقون بالخروج من أصلاب الآباء وأرحام الأمّهات وقوله :
« ما خلق » عامّ في جميع ما خلقه اللَّه ممّن يمكن أن يحصل منه الشرّ وإضافة الشرّ إليه لاختصاصه بعالم الخلق المؤسّس على امتزاج الموادّ المتباينة وتفاعل كيفيّاتها المتضادّة المستتبعة للكون والفساد من شرّ حصول الشرّ ممّا خلق كالاستيمام من السمّ فتأمّل . وأمّا عالم الأمر فهو خير محض منزّه عن شوائب الشرّ بالكلَّيّة .
* ( [ وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ ] ) * أي من شرّ اللَّيل إذا دخل بظلامه فيكون المراد من شرّ ما يحدث في الليل من الشرّ والمكروه . وإنّما اختصّ الليل بالذكر لأنّ أغلب الفساد يقدم عليه في الليل .
ومعنى الغاسق كلّ هاجم عليه بضرره كائنا من كان والوقب النقرة في الشيء يجتمع فيها الماء ووقب إذا دخل في وقب الظلام . فالمعنى إذا دخل ظلامه في كلّ شيء والحاصل أنّ الشرّ ينبعث في الليل أكثر من النهار ويخرج عفاريت الجنّ فيه وكذلك الهوامّ والمؤذيات . ونهى رسول اللَّه عن السير في أوّل الليل وأمر بتغطية الأواني وإغلاق الأبواب وإيكاء الأسقية وضمّ الصبيان وكلّ ذلك للحذر من الشرّ والبلاء .
وقيل : المراد بالغاسق القمر ووقوبه دخوله في الخسوف واسوداده . وقيل :
وقوبه المحاق في آخر الشهر والمنجّمون يعدّونه نحسا ولذلك لا تشتغل السحرة بالسحر المورث للتمريض إلَّا في المحاق . وروي عن عائشة أنّها قالت : أخذ رسول اللَّه بيدي فأشار إلى القمر فقال : تعوّذي باللَّه من شرّ هذا فإنّه الغاسق إذا وقب ، وشرّه الَّذي يتّقى ما يكون في الأبدان ويحدث آفات بسببه .
وقيل : الغاسق الثريّا ووقوبها سقوطها لأنّها إذا سقطت كثرت الأمراض وو الطواعين وإذا طلعت قلَّت .
* ( [ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ ] ) * النفث شبه النفخ يكون في الرقية ولا ريق معه ، وإذا كان معه ريق فهو التفل والعقد ما يعقده الساحر على وتر أو حبل أو شعر يقال لها :
عزيمة كما يقال لها : « عقدة » والمعنى من شرّ النفوس أو النساء السواحر اللَّاتي يعقدن