أنّ « هذا » تنبيه وإشارة إلى الشاهد عند الحواسّ وذلك أنّ الكفّار نبّهوا على آلهتهم بحرف إشارة إلى المشاهد المدرك فقالوا : هذه آلهتنا المحسوسة بالأبصار فأشر أنت يا محمّد إلى إلهك الَّذي تدعوا إليه حتّى نريه وندركه ولا نأله « 1 » فيه فأنزل اللَّه « قل هو اللَّه أحد » إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواسّ تعالى عن ذلك بل هو مدرك الأبصار في شأن الأحديّة والواحدية الَّذي لا يشاركه في ذاته وصفاته أحد .
وقال الباقر : حدّثني أبي عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال : رأيت الخضر في المنام قبل بدر بليلة فقلت له : علَّمني شيئا أنتصر به على الأعداء فقال : قل يا هو يا من لا هو إلَّا هو فلمّا أصبحت قصصت على رسول اللَّه فقال صلَّى اللَّه عليه وآله : يا عليّ علَّمت الاسم الأعظم فكان على لساني يوم بدر .
قال أمير المؤمنين عليه السّلام : اللَّه معناه المعبود الَّذي يأله فيه الخلق ويؤول الخلق إليه ، المستور عن إدراك الأبصار ، المحجوب عن الأوهام والخطرات .
وقال الباقر عليه السّلام : اللَّه معناه المعبود الَّذي أله فيه الخلق والهمزة مقلوبة من الواو أي وله فيه الخلق عن إدراك ماهيّته والإحاطة بكيفيّته ، تقول العرب : أله الرجل إذا تحيّر في الشيء فلم يحط به علما وقد أثبت « قل » في المصحف والتزم في التلاوة مع أنّه ليس من دأب المأمور بكلمة « قل » أن يتلفّظ في مقام الايتمار إلَّا بالمقول لأنّ المأمور ليس المخاطب به فقط بل كلّ واحد ابتلي بما ابتلى به المأمور .
* ( [ اللَّه ُ الصَّمَدُ ] ) * مبتدء وخبر ، صمد ، إليه إذا قصده أي هو السيّد المصمود إليه في الحوائج المستغني بذاته وغيره محتاج إليه قال الباقر عليه السّلام : حدّثني أبي زين العابدين عن أبيه أنّه قال : « الصّمد » الَّذي انتهى سودده والصمد الدائم الَّذي لم يزل ولا يزال ، والصمد الَّذي لا جوف له ، والصمد الَّذي لا يأكل ولا يشرب ، وقال الباقر :
والصمد السيّد المطاع الَّذي ليس فوقه آمر ولا ناه . وقال محمّد بن الحنفيّة : الصمد القائم بنفسه الغنيّ عن غيره وقال غيره : الصمد المتعالي عن الكون والفساد والَّذي لا يوصف بالنظائر .