يكون أسورة البعض ذهبا والبعض فضّة بحسب اختلاف شؤونهم * ( [ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً ] ) * من الأقذار لم يدنّسها الأيدي ولم تدسه الأرجل كخمر الدنيا ولا يصير بولا نجسا بل يرشح عرقا من أبدانهم له ريح كريح المسك ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل مطهّر باطنه من كلّ كدورة إذ لا يكون شيء خالص من كدورة الأكوان إلَّا اللَّه فبخّ للشراب وشاربه وساقيه .
وأسكر القوم دور كأس وكان سكري من المدير قال بعضهم : صلَّيت خلف سهل بن عبد اللَّه العتمة « 1 » فقرأ قوله : « وسقاهم ربّهم شرابا طهورا » فجعل يحرّك فمه كأنّه يمصّ فلمّا فرغ من صلاته قيل له : أتقرأ أم تشرب ؟ قال : واللَّه لو لم أجد لذّته عند قراءته كلذّتي عند شربه ما قرأته .
* ( [ إِنَّ هذا ] ) * أي الَّذي ذكر من أنواع العطايا * ( [ كانَ لَكُمْ جَزاءً ] ) * عوضا بمقابلة أعمالكم * ( [ وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ] ) * مرضيّا مقبولا وسعيكم وقيامكم بطاعته مرضيّ عنده سبحانه فكأنّه شكر لكم عملكم وفعلكم .
[ سورة الإنسان ( 76 ) : الآيات 23 إلى 31 ] إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ( 23 ) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ( 24 ) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( 25 ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَه ُ وَسَبِّحْه ُ لَيْلًا طَوِيلًا ( 26 ) إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا ( 27 ) نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا ( 28 ) إِنَّ هذِه ِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّه ِ سَبِيلًا ( 29 ) وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّه ُ إِنَّ اللَّه َ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ( 30 ) يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِه ِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ( 31 ) * ( [ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ] ) * أي فصّلناه في الإنزال آية بعد آية ولم ننزّله جملة واحدة لحكمة بالغة مقتضية له ونحن نزّلناه لا غيرنا كما يعرب عنه تكرير الضمير على سبيل التأكيد فكأنّه تعالى يقول : إنّ هؤلاء الكفّار يقولون