عليهم كما قيل في حقّ الحجّاج : إنّ عليه نصف عذاب العالم .
وقصّة القرامطة مجملها أنّ أبا سعيد كبير القرامطة ( وهم طائفة ملاحدة ظهروا بالكوفة سنة سبعين ومائتين يزعمون أن لا غسل من جنابة وحلّ الخمر وأنّه لا صوم في السنة إلَّا يومي النيروز والمهرجان ويزيدون في أذانهم وأنّ محمّد بن الحنفيّة رسول اللَّه وأنّ الحجّ والعمرة إلى بيت المقدس وافتتن بهم جماعة من الجهّال وأهل البراري وقويت شوكتهم حتّى انقطع الحجّ من بغداد بسببه وسبب ولده أبي طاهر فإنّ ولده أبا طاهر بنى دارا بالكوفة وسمّاها دار الهجرة ) كثر فساده واستيلاؤه على المسلمين وقتله إيّاهم وكثرت أتباعه وذهب إليه جيش الخليفة المقتدر باللَّه السادس عشر من خلفاء بني العبّاس غير مرّة وهو يهزمهم .
ثمّ إنّ المقتدر سيّر ركب الحاجّ إلى مكّة فوافاهم أبو طاهر يوم التروية فقتل الحجّاج بالمسجد الحرام وفي جوف الكعبة قتلا ذريعا وألقى القتلى في بئر زمزم وضرب الحجر بدبّوس « 1 » فكسره ثمّ اقتلعه وأخذه معه وقلع باب الكعبة ونزع كسوتها وسقفها وقسّمه بين أصحابه وهدم قبّة زمزم وارتحل عن مكّة بعد أن أقام فيها أحد عشر يوما ومعه الحجر الأسود وبقي عند القرامطة أكثر من عشرين سنة وكان الناس يضعون أيديهم محلَّه للتبرّك ودفع لهم خمسون ألف دينار فأبوا حتّى أعيد في موضعه في خلافة المطيع لأمر اللَّه وهو الرابع والعشرون من خلفاء بني العبّاس بعد اشترائه منهم .
وبعد القرامطة في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة قام رجل من الملاحدة وضرب الحجر ثلاث ضربات بدبّوس فتشقّق وجه الحجر من تلك الضربات وتساقطت منه شظيّات « 2 » مثل الأظفار وخرج بكسره فتات « 3 » أسمر يضرب إلى الصفرة محبّبا مثل حبّ الخشخاش فجمع بنو شيبة ذلك الفتات وعجنوه بالمسك وحثوه في تلك