* ( [ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ] ) * تأكيد لتكرير الردع والإنذار وفي « ثمّ » دلالة على أنّ الإنذار الثاني أبلغ من الأوّل كقولك للمنصوح : أقول لك ثمّ أقول لك : لا تفعل .
أو الردع الأوّل عند الموت والاحتضار حين ما يبشّر به المحتضر من جنّة أو نار أو في القبر حين يسأل والثاني عند النشور حين ينادي المنادي : شقي فلان شقاوة لا سعادة بعدها ، فعلى هذا لا تكرير في الآية لحصول التغاير بينهما بتغاير زماني العلمين فإنّه يلقى في كلّ واحد من الزمانين نوعا آخر من العذاب . وروى زرّ بن حبيش عن عليّ أمير المؤمنين : ما زلنا نشكّ في عذاب القبر حتّى نزلت « ألهاكم التكاثر » إلى قوله :
« كلَّا سوف تعلمون » يريد في القبر « ثمّ كلَّا سوف تعلمون » بعد البعث . وقيل :
إنّ المعنى « كلَّا سوف تعلمون » إذا رأيتم دار الأبرار « ثمّ كلَّا سوف تعلمون » إذا رأيتم دار الفجّار .
* ( [ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ] ) * أي لو تعلمون الأمر علما يقينا لشغلكم ما تعملون من الاشتغال بالعزّ والتباهي وجواب « لو » محذوف للتهويل فإنّه إذا حذف الجواب يذهب الوهم كلّ مذهب أي لو علمتم علما كاملا يقينيّا لما اشتغلتم ولفعلتم غير هذا ولكنّكم ضلَّال جهلة ، وعلم اليقين هو الَّذي لا يعتريه اضطراب الشكّ .
ثمّ استأنف سبحانه وعيدا آخر فقال : * ( [ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ] ) * واللام موطَّئة للقسم ومعناه لترونّها حين تبرز الجحيم في القيامة قبل دخولكم إليها * ( [ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ] ) * أي محض اليقين بالمشاهدة إذا دخلتم فيها وعذّبتم بها .
* ( [ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ] ) * قيل : السؤال عن النعيم شامل للكفّار المتنعّمين في الدنيا غير شاكرين نعمته ومن لحق بهم في عدم الشكر من فسقة المؤمنين وقالوا : من كان ناهضا بالشكر من المؤمنين فهو من ذلك بعيد وقيل : شاملة للكفّار فقط إذ لم يشكروا ربّ النعيم وأشركوا به وعبدوا غيره فيسألون ثمّ يعذّبون على ترك الشكر ، وقال الأكثرون : إنّ المعنى لتسألنّ يا معاشر المكلَّفين عن النعيم وإنّ اللَّه سائل كلّ ذي نعمة عمّا أنعم عليه .
والمراد من النعيم المأكل والمشرب وغيرهما من الملاذّ مطلقا عن سعيد بن