وسمّيت هذه الغزوة ذات السلاسل لأنّه أسر منهم وقتل وسبي وشدّ أسراؤهم في الحبال كأنّهم في السلاسل ، ولمّا نزلت السورة خرج النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله إلى الناس فصلَّى بهم الغداة وقرء فيها « والعاديات » فلمّا فرغ من صلاته قال أصحابه : هذه السورة لم نعرفها فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله : نعم إنّ عليّا عليه السّلام ظفر بأعداء اللَّه وبشّرني جبرئيل بذلك في هذه الليلة فقدم عليّ عليه السّلام بعد أيّام وبالغنائم والأسارى .
* ( [ وَإِنَّه ُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ ] ) * الهاء تعود إلى اللَّه أي إنّه تعالى على كنود العبد لشهيد وقيل : الهاء تعود إلى الإنسان ، شاهد على نفسه يوم القيامة بكنوده وقيل في معنى الكنود أيضا : هو الَّذي يعدّ المصائب وينسي النعم وروى أبو ثمامة عن النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله أنّه قال : أتدرون من الكنود ؟ قالوا : اللَّه أعلم ورسوله ، قال : « الكنود الَّذي يأكل وحده ويمنع رفده ويضرب عبده » وقيل : هو البخيل القليل الخير يقال : كان ثلاثة نفر من العرب في عصر واحد أحدهم آية في السخاء وهو حاتم الطائيّ والثاني آية في البخل وهو حباحب ، ومن بخله أنّه كان لا يوقد النار للخبز إلَّا إذا نام الناس فإذا انتبهوا أطفأ ناره لئلَّا ينتفع الناس بها ، والثالث آية في الطمع وهو أشعب بن جبير مولى مصعب بن الزبير بن العوّام ومن طمعه أنّه قرأ صبيّ في المكتب وهو حاضر :
إنّ أبي يدعوك فقام ولبس نعليه فقال الصبيّ : أنا أقرأ درسي ، وكان إذا رأى إنسانا يحكّ عنقه يظنّ أنّه ينتزع قميصه ليدفعه إليه ، وكان إذا رأى دخانا ارتفع من دار ظنّ أنّ أهلها يأتي بطعام وكان إذا رأى عروسا تزفّ إلى موضع جعل يكنس باب داره لكي تدخل داره قال أشعب : ما رأيت أطمع منّي إلَّا كلبا تبعني على مضغ العلك فرسخا .
* ( [ وَإِنَّه ُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ] ) * أي إنّ الإنسان لحبّ المال ، وسمّي المال خيرا جريا على عادتهم « لشديد » قويّ مجدّ في طلبه وتحصيله متهالك عليه وهو لحبّ عبادة اللَّه والإنفاق في سبيله ضعيف الهمّة متقاعس .
* ( [ أَفَلا يَعْلَمُ ] ) * هذا الإنسان الَّذي وصفناه ويرتكب من القبائح في الدنيا أنّ اللَّه يجازيه * ( [ إِذا بُعْثِرَ ] ) * وبعث واخرج * ( [ ما فِي الْقُبُورِ ] ) * من الموتى ، وإيراد « ما » لكونهم