أي غبارا من نقع الصوت إذا ارتفع فالغبار سمّي نقعا لارتفاعه أو هو من النقع في الماء فكأنّ صاحب الغبار خاض في الغبار كما يخوض الرجل في الماء ، وتخصيص الإثارة بالصبح لأنّه لا يظهر ثورانه باللَّيل كما أن الإيراء لا يظهر بالنهار والإغارة والإثارة تقع غالبا في وقت الصباح و « أثرن » أصله أثورن فقلبت حركة الواو إلى الثاء ما قبلها وقلبت الواو ألفا فصار أثارن فحذفت الألف لالتقاء الساكنين فبقي أثرن .
* ( [ فَوَسَطْنَ بِه ِ جَمْعاً ] ) * أي توسّطن في ذلك الوقت والباء للظرفيّة ، بذلك المكان أو بسبب العدو وسط الكنيبة وجمع العدوّ ، والفاآت للدلالة على ترتّب ما بعد كلّ منها على ما قبلها فإنّ توسّط الجمع مترتّب على الإثارة المترتّبة على الإغارة المترتّبة على الإيراء المترتّب على عدوهنّ ، والمراد عدو خيل الغزاة في سبيل اللَّه والصحيح أنّ المراد كما قال عليّ عليه السّلام : إنّها لإبل الحاجّ تعدو من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى ، وقال : من أين لهم الأفراس ! ولقد كان يوم بدر معنا فرسان فرس أبلق للمقداد وفرس للزبير .
* ( [ إِنَّ الإِنْسانَ لِرَبِّه ِ لَكَنُودٌ ] ) * جواب القسم يقال : كند النعمة كنودا كفر بها فالكنود بالضمّ كفران النعمة وبالفتح الكفور ، ومنه « كندة » بالكسر وهو لقب ثور بن عفر أبو حيّ من اليمن لأنّه كند نعمة أبيه ففارقه ولحق بأخواله وقال الكلبيّ : الكنود بلسان كندة العاصي وبلسان بني مالك البخيل وبلسان مضر وربيعة الكفور والمعنى إنّ الإنسان - والمراد أكثر أفراده - لنعمة ربّه شديد الكفران فقوله : « لربّه » متعلَّق بكنود قدّم عليه لإفادة التخصيص ومراعاة الفواصل .
النزول : قيل : بعث النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله سريّة إلى حيّ من كنانة فاستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاريّ أحد النقباء فتأخّر رجوعهم فقال المنافقون : قتلوا جميعا فأخبر اللَّه عنها بقوله : « والعاديات ضبحا » عن مقاتل .
وقيل : نزلت السورة لمّا بعث صلَّى اللَّه عليه وآله عليّا إلى ذات السلاسل فأوقع بهم وذلك بعد أن بعث عليهم مرارا غيره من الصحابة فرجع كلّ منهم إلى رسول اللَّه وهو المرويّ عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام في حديث طويل .