ورجوعهم بعد الورود للبعث * ( [ أَشْتاتاً ] ) * أي متفرّقين في النظام أي حالكونهم متفرّقين مؤمنين وكافرين ومنافقين ومختلفة الزيّ : بيض الوجوه والثياب آمنين ينادي المنادي بين يديه : هذا وليّ اللَّه ، وسود الوجوه حفاة عراة مع السلاسل والأغلال فزعين ينادي المنادي بين يديه : هذا عدوّ اللَّه .
وعن ابن عبّاس أنّ جبرئيل جاء إلى النبيّ يوما فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرءك السلام ويقول : مالي أراك مغموما حزينا وهو أعلم به فقال صلَّى اللَّه عليه وآله : يا جبرئيل قد طال فكري في أمر امّتي يوم القيامة قال : يا محمّد في أمر أهل الكفر أم في أمر أهل الإيمان ؟ قال : يا جبرئيل لا بل في أمر أهل الإيمان وأهل لا إله إلَّا اللَّه قال : فأخذ بيده وأقامه على مقبرة بني سلمة فضرب بجناحه الأيمن على قبر ميّت فقال : قم بإذن اللَّه فقام رجل مبيضّ الوجه وهو يقول : لا إله إلَّا اللَّه محمّد رسول اللَّه الحمد للَّه ربّ العالمين ، فقال له جبرئيل : عد فعاد كما كان ثمّ ضرب بجناحه الأيسر على قبر ميّت فقال : قم بإذن اللَّه فخرج رجل مسودّ الوجه أزرق العين وهو يقول : ووا حسرتاه وا سوأتاه ، فقال له : عد فعاد كما كان ثمّ قال جبرئيل : هكذا يبعثون يوم القيامة على ما ماتوا عليه .
أقول : وكان ذلك في أوائل الأمر حيث لم يتعيّن الوصيّ بعد للناس ولم يتعيّن ولاية أمير المؤمنين ظاهرا وإلَّا فالإقرار بالولاية من شروط تحقّق الإيمان وبدونها لا ينفع كما في الحديث القدسيّ : « ولو أن عبدا عبدني وصام عمر الدهر وقام وعبد حتّى صار كالشنّ البالي وأتاني غير موال لعليّ بن أبي طالب أكبّه على منخريه في النار » .
* ( [ لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ ] ) * أي جزاء أعمالهم عن ابن عبّاس وقيل : معنى الرؤية هنا المعرفة بالأعمال عند تلك الأحوال أو يروا صحائف أعمالهم فيقرؤون ما فيها « 1 » « لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها » ويجوز أن يكون للأعمال صور نورانيّة وظلمانيّة فيكون الرؤية حقيقة .