* ( [ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى ] ) * أي إنّ ثواب الآخرة وما أعدّه اللَّه لك من النعيم الدائم خير لك من الدنيا والكون فيها وإنّ له صلَّى اللَّه عليه وآله في الجنّة ممّا أعدّ اللَّه له ألف ألف قصر من اللؤلؤ ترابه من المسك وفي كلّ قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم وقيل : المعنى ولآخر عمرك الَّذي بقي خير لك من أوّله لما يكون لك من النصرة والفتوح وتشييد أمرك ، ونهايتك خير من بدايتك كما أخبر بقوله « 1 » :
« اليوم أكملت لكم دينكم » .
* ( [ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ] ) * أي وسيأتيك ربّك في الآخرة من الشفاعة وأنواع الكرامة . واللام للابتداء دخلت الخبر لتأكيد مضمون الجملة والمبتدء محذوف تقديره ولأنت سوف يعطيك ، لأنّ لام الابتداء لا يدخل إلَّا على الجملة الاسميّة وليست للقسم لأنّها لا تدخل على المضارع إلَّا مع النون المؤكّدة . وفي الآية دلالة على أنّ العطاء المتأخّر لحكمة وأنفع لك ، وادّخر لك من الكرامات ما لا يعلمها إلَّا اللَّه .
وروى حارث بن شريح عن محمّد بن الحنفيّة أنّه قال : يا أهل العراق تزعمون أنّ أرجى آية في كتاب اللَّه قوله : « 2 » « يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ، الآية » وإنّا أهل البيت نقول : أرجى آية في كتاب اللَّه قوله : « ولسوف يعطيك ربّك فترضى » وهي واللَّه الشفاعة ليعطيّنها في أهل لا إله إلَّا اللَّه حتّى يقول : ربّ رضيت . وقال الصادق عليه السّلام : رضي جدّي أن لا يبقى في النار موحّد .
أقول : أبشروا يا أمّة محمّد بهذه الفضيلة الَّتي نحلها اللَّه نبيّكم بها فكم بين من يتكلَّف ليرضي ربّه وبين من يعطيه ربّه ليرضى .
ثمّ عدّد سبحانه نعمه عليه صلَّى اللَّه عليه وآله فقال : * ( [ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ] ) * تقرير لنعمة اللَّه عليه حين مات أبوه ، روي أنّ أباه عبد اللَّه مات وهو صلَّى اللَّه عليه وآله جنين قد أتت عليه ستّة أشهر في بطن أمّه ومات جدّه وهو ابن ثمان سنين فكفّله عمّه أبو طالب فأحسن