فإن جاء بها تامّة جاز إلى الرابعة فيسأل عن الصوم فإن جاء به تامّا جاز إلى الخامس فيسأل عن الحجّ فإن جاء به تامّا جاز إلى السادس فيسأل عن العمرة فإن جاء بها تامّة جاز إلى السابع فيسأل عن المظالم فإن خرج منها وإلَّا يقال له : انظروا فإن كان له تطوّع أكمل به أعماله فإذا فرغ انطلق به إلى الجنّة وإلَّا تردّى .
ثمّ قسّم سبحانه أحوال البشر فقال :
* ( [ فَأَمَّا الإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاه ُ رَبُّه ُ ] ) * أي عامله معاملة من يبتليه بالغنى واليسار * ( [ فَأَكْرَمَه ُ وَنَعَّمَه ُ ] ) * وأعطاه النعمة * ( [ فَيَقُولُ ] ) * مفتخرا : * ( [ رَبِّي أَكْرَمَنِ ] ) * فيفرح بذلك ويسرّ ويقول : ربّي أعطاني هذا لكرامتي عنده ومنزلتي لديه يحسب أنّه كريم على ربّه حيث وسع الدنيا عليه .
* ( [ وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاه ُ فَقَدَرَ عَلَيْه ِ رِزْقَه ُ ] ) * وامتحنه وجعل رزقه على قدر كفايته أو قوت يومه * ( [ فَيَقُولُ ] ) * متضجّرا : * ( [ رَبِّي أَهانَنِ ] ) * أي أذلَّني بالفقر ولا يخطر بباله أنّ ذلك ليبلوه أيصبر أم يجزع مع أنّه ليس من الإهانة في شيء بل هو مصلحة راجعة إلى العبد .
فقال سبحانه : * ( [ كَلَّا ] ) * أي ليس الأمر كما ظنّ فإنّي لا أغني المرء لكرامته عليّ ولا أفقره لمهانته عندي ولكنّي اوسّع على من أشاء بحسب ما يوجبه الحكمة وإنّما الإكرام على الحقيقة يكون بالطاعة والإهانة بالمعصية .
ثمّ بيّن سبحانه ما يستحقّ به الهوان فقال : * ( [ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ] ) * انتقال من سوء أقواله إلى سوء أفعاله أي بل لكم أحوال أشدّ شرّا ممّا ذكر وأدلّ على تهالككم حيث أعطاكم اللَّه المال فلا تؤدّون ما يلزمكم فيه من إكرام اليتيم بالنفقة ، واليتيم من بني آدم الَّذي فقد أباه وكان غير بالغ ومن البهائم ما فقد امّه قال صلَّى اللَّه عليه وآله : « أحبّ البيوت إلى اللَّه بيت فيه يتيم مكرم » .
* ( [ وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ] ) * بحذف إحدى التاءين والحضّ الحثّ أي لا تحثّون على إطعامه ولا تأمرون بالتصدّق عليه ومن لا يحضّ غيره على إطعامه فبأن لا يطعمه بنفسه أولى ، فالمعنى أن لا تطعمون مسكينا ولا تأمرون بإطعامه غيركم .