إلى قصر مدّة الخضرة وفيه رمز إلى قصر مدّة العمر وسرعة زوال الدنيا ونعيمها فإنّ رتبة الحياة الدنيا ومنافعها سريعة الفناء فإنّهما مرعى النفس الحيوانيّة كالهشيم والحطام البالي الأسود .
* ( [ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ] ) * ضمان من اللَّه أن يجعله بحيث لا ينسى ويحفظ القرآن للهداية وكان النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله إذا نزل عليه جبرئيل بالوحي يقرؤه مخافة أن ينساه فلمّا نزلت هذه الآية لم ينس بعد ذلك شيئا .
* ( [ إِلَّا ما شاءَ اللَّه ُ ] ) * أن ينسيكه برفع حكمه ونسخه ، وقيل : معنى الاستثناء إمكان وقوعه وإن لم يقع منه مشيّة النسيان فهو كقوله « 1 » : « خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ » ولا يشاء وكقول القائل : لأعطينّك كلّ ما سألت إلَّا أن أشاء أن أمنعك والنيّة أن لا يمنعه ، ومن المعلوم أنّه فرق بين النسيان والإنساء وأنّ اللَّه قادر على إنسائه صلَّى اللَّه عليه وآله إذا أراد .
* ( [ إِنَّه ُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى ] ) * وهو عالم بما ظهر وما بطن من القول والعمل والنيّة ورفع الصوت وهمس الصوت أي يعلم ما جهرت به في قراءتك لحفظها وما أخفيتها وتريد أن تنسيه وتحفظه .
* ( [ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى ] ) * عطف على « نقرئك » واليسرى فعلى من اليسر وهو السهولة في عمل الخير لما في معنى « نيّسرك » من تضمّن معنى الخير والتوفيق وحاصل المعنى نوفّقك للشريعة اليسرى الحنيفة ونسهّل عليك الوحي وما يثبتك على أمرك وتبليغك ولنسهّل عليك المستصعب من أمور النبوّة والرسالة .
* ( [ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى ] ) * فذكّر الناس ما أوحي إليك واهدهم إن نفع التذكير ، وتقييد التذكير بالنفع لأنّه صلَّى اللَّه عليه وآله يستفرغ جهده فيه حرصا على إيمانهم وكان لا يزيد ذلك بعضهم إلَّا كفرا وعنادا فأمره بأن يخصّ التذكير بمن يرجى منه التذكير ولا يتعب نفسه في تذكير من لا يزيده إلَّا عتوّا ونفورا وهذا كقوله « 2 » : « فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ » وحرف الشرط راجع إلى النبيّ لا إلى اللَّه . قال بعض أهل العربيّة