ثمّ قال سبحانه متوعّدا إلى الكفّار والعصاة : * ( [ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ] ) * البطش تناول الشيء بصولة والأخذ بعنف يقال : يد باطشة . أي أخذه تعالى إيّاهم بالعذاب متفاقم وإن كان بعد إمهال فإنّه عن حكمة لاعن عجز * ( [ إِنَّه ُ هُوَ ] ) * وحده * ( [ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ] ) * لينشئ الخلق ثمّ يميتهم ويعيدهم إحياء للمجازاة وفيه مزيد التقرير لشدّة بطشه . وقيل : معناه أنّه يبدئ بالعذاب في الدنيا ثمّ يعيده في الآخرة ، أو المعنى يبدئ العذاب في الآخرة ثمّ يعيده فيها لقوله « 1 » : « كلَّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودا غيرها » قال ابن عبّاس : إنّ أهل جهنّم تأكلهم النار حتّى يصيروا فحما ثمّ يعيدهم خلقا جديدا .
قال حذيفة بن اليمان : قال لي رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله : يا حذيفة إنّ في جهنّم لسباعا من نار وكلابا من نار وسيوفا من نار وكلاليب من نار وإنّه يبعث ملائكة يعلَّقون أهل النار بتلك الكلاليب بإحناكهم ويقطَّعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا ويلقونها إلى تلك السباع والكلاب كلَّما قطعوا عضوا عاد آخر مكانه غضّا طريّا .
وبالجملة المبدئ المعيد معناه الموجد لكنّ الإيجاد إذا لم يكن مسبوقا بمثله سمّي إبداء وإن كان مسبوقا بمثله يسمّى إعادة ، وخاصّيّة الاسم المبدئ أن يقرء على بطن الحامل سحرا تسعا وعشرين مرّة فإنّ ما في بطنها يثبت ونافع ، ولتذكار المحفوظ إذا نسي اسم المعيد لا سيّما إذا أضيف إليه اسم المبدئ .
* ( [ وَهُوَ الْغَفُورُ ] ) * لمن تاب ولمن لم يتب إذا شاء * ( [ الْوَدُودُ ] ) * لمن أطاع . وفي الأثر « إنّ أودّ الأودّاء إليّ من عبدني لغير نوال » وأصل الودّ من الوتد وهو أثبت من المحبّة والودود من عباد اللَّه من يريد لخلق اللَّه ما يريد لنفسه وأعلى فمن ذلك من يؤثرهم على نفسه ولم يمنعه سوء صنيعهم عن إرادة الخير لهم والإحسان إليهم كما قال صلَّى اللَّه عليه وآله :
حين كسرت رباعيّته ودمي وجهه وضرب : « اللهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون » .
قال أمير المؤمنين عليه السّلام : « إن أردت أن تسبق المقرّبين فصل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمّن ظلمك » وخاصيّة اسم الودود ثبوت الوداد لا سيّما بين