فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقّه ثمّ جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه وقال لهم : اذهبوا به إلى جبل كذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلَّا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال الغلام : اللَّهمّ اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم اللَّه فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به إلى قرقور « 1 » فتوسّطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلَّا فاقذفوه فذهبوا به فقال : اللَّهمّ اكفينهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وسلم وجاء إلى الملك فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم اللَّه .
ثمّ قال للملك : إنّك لست بقاتلي حتّى تفعل ما آمرك به قال : وما هو ؟
قال : تجمع الناس في صعيد وتصلبني على جذع ثمّ تأخذ سهما من كنانتي ثمّ ضع السهم في كبد القوس ثمّ قل : بسم اللَّه ربّ الغلام ففعل الملك ما قال : فرماه فوقع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على صدغه في موضع السهم فمات فقال الناس :
آمنّا بربّ الغلام آمنّا بربّ الغلام .
فأتى الملك آت فقال له : قد نزل بك ما كنت تحذر منه وآمن الناس فأمر بالأخدود في أفواه السكك « 2 » وقال : من لم يرجع عن هذا الدين فاطرحوه فيها كرها ففعلوا حتّى جاءت امرأة ومعها صبيّ رضيع لها فتأخّرت المرأة وتقاعست أن تقع فيها فقال لها الصبيّ : يا امّاه اصبري فإنّك على الحقّ وقيل : كان لها ثلاثة أولاد أحدهم رضيع فقال لها الملك : ارجعي عن دينك وإلَّا ألقيتك وأولادك في النار فأبت فأخذ ابنها الأكبر وألقاه في النار ثمّ قال : ارجعي فأبت فألقى ابنها الأوسط في النار ثمّ قال لها : ارجعي عن دينك فأبت فأخذوا الصبيّ ليلقوه فيها فهمّت بالرجوع فقال الصبيّ : يا امّاه لا ترجعي عن الإسلام ولا بأس عليك فالقي الصبيّ في النار وامّه على أثره ، وكان هو ممّن تكلَّم في المهد وهو صبيّ رضيع .