* ( [ قُتِلَ أَصْحابُ الأُخْدُودِ ] ) * جواب القسم بحذف اللام المؤكّدة أي لقد قتل وأهلك بغضب اللَّه ولعنته ولعنوا بتحريقهم الناس في الدنيا أو في الآخرة والمراد بهم الكافرون الَّذين حفروا الأخدود وعذّبوا المؤمنين بالنار ، ويحتمل أن يكون إخبارا عن المسلمين الَّذين عذّبوا بالنار في الأخدود فبكون أنّ المؤمنين قتلوا بالإحراق في النار ذكرهم اللَّه بحسن بصيرتهم وصبرهم على دينهم ولا يعطون التقيّة بالرجوع عن الإيمان لتصلَّبهم في الدين .
وقيل : إنّ الجملة دعائيّة دالَّة على الجواب لا خبريّة وسوق الكلام يفيد معنى وهو أنّ كفّار مكّة ملعونون كما لعن أصحاب الأخدود لأنّ السورة وردت لتثبيت المؤمنين على الصبر من أذى المشركين وما يلقون منهم ويعلموا أنّ هؤلاء عند اللَّه بمنزلة أولئك ويقال فيهم ما قد قيل فيهم . والأخدود الخدّ في الأرض وهو شقّ مستطيل كالنهر غامض عميق القرار . وأصحاب الأخدود كانوا ثلاثة وهم أنطيانوس الروميّ بالشام « 1 » وبخت نصّر بفارس « 2 » ويوسف ذو نواس الحميريّ بنجران موضع باليمن ، شقّ كلّ واحد منهم شقّا عظيما في الأرض كان طوله أربعين زراعا وعرضه اثني عشر زراعا وملئوه نارا وألقوا فيه من لم يرتدّ عن دينه من المؤمنين ، والقرآن إنّما نزل في الَّذين بنجران في سلطة ذي نواس الحميريّ اليهوديّ وجنوده وذو نواس اسمه زرعة بن حسّان وكان اسمه أيضا يوسف وكانت له ذوائب تنوس وتضطرب على عاتقه فسمّي ذا نواس .
وقصّته أنّ عبدا صالحا يقال له « عبد اللَّه بن الثامر » كان بنجران وكان على دين عيسى عليه السّلام فدعاهم فأجابوه فسار إليهم ذو نواس بجنود من حمير فخيّرهم بين النار