وضمّه وستره بظلمته و « ما » عبارة عمّا يجتمع باللَّيل ويأوي إلى مكانه من الدوابّ والحشرات والهوامّ والسباع لأنّه إذا كان اللَّيل أقبل كلّ شيء إلى مأواه أو المراد بما جمعه اللَّيل من العبّاد المتهجّدين .
* ( [ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ] ) * أي استوى وكمل نوره وهو ليالي البدر يقال : أمور متّسقة أي مجتمعة على الصلاح ومنتظمة .
* ( [ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ] ) * هذا جواب القسم قرئ « لتركبنّ » بفتح الباء أي لتركبنّ يا محمّد ( صلَّى اللَّه عليك ) درجه بعد درجة ورتبة بعد رتبة في رفعة المنزلة والقربة عند اللَّه ، وبضمّ الباء فالخطاب للناس أي حالا بعد حال منزلا بعد منزل وأمرا بعد أمر في القيامة والأحوال تتغيّر بكم فتصيرون على غير الحال الَّتي كنتم عليها في الدنيا .
و « عن » بمعنى « بعد » كما قال سبحانه « 1 » : « عمّا قليل ليصبحنّ نادمين » أي بعد قليل قال الشاعر التغلبيّ :
قرّبا مربط النعامة منّي لقحت حرب وائل عن حيال أي بعد حيال وقيل : المراد شدّة بعد شدّة حياة ثمّ موت ثمّ بعث ثمّ جزاء وقيل : المراد اختلاف أحوالكم في الدنيا شدّة بعد رخاء وفقرا بعد غنى وغنى بعد فقر وصحّة بعد السقم وسقما بعد الصحّة وقيل : نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة ثمّ عظما ثمّ خلقا آخر جنينا ووليدا ورضيعا وفطيما ويافعا ثمّ ناشئا ثمّ مترعرعا ثمّ خرورا ثمّ مراهقا ثمّ محتلما ثمّ بالغا ثمّ أمرد ثمّ طارا ثمّ باقلا ثمّ مسيطرا ثمّ مترحما ثمّ مختلطا ثمّ صملا ثمّ ملتحبا ثمّ مستويا ثمّ مصعدا ثمّ مجتمعا ، والحاصل أنّكم لتعبرنّ بكم الأحوال حالا بعد حال .
وإذا كان هكذا أمركم وانقلاب أطواركم في الدنيا أو في الآخرة وكلّ هذه الأمور دالَّة على خالقكم ومصوّركم * ( [ فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ] ) * فأيّ شيء لهم حالكونهم غير مؤمنين وما يمنعهم عن الإيمان بخالقهم مع تعاضد موجباته * ( [ وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ ] ) *