التبختر فجعل كناية عنه فيكون أصله يتمطَّط أبدلت الطاء الأخيرة ياء كراهة اجتماع الأمثال أو مأخوذ من المطا وهو الظهر فإنّه يلويه ويحرّكه في تبختره فألفه حينئذ مبدلة من واو ، وفي الحديث « إذا مشت امّتي المطيطا وخدمتهم فارس والروم كان بأسهم بينهم » والمطيطا كحميراء مدّ اليدين في المشي .
* ( [ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ] ) * هذا تهديد من اللَّه مستعمل في موضع الويل مشتقّ من الولي والمعنى وليك المكروه والعذاب يا أبا جهل ومن تبعك وجاءت الرواية أنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم أخذ بيد أبي جهل ثمّ قال له : أولى لك فأولى فقال أبو جهل :
بأيّ شيء تهدّدني ؟ لا تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئا وإنّي لأعزّ أهل الوادي فأنزل اللَّه سبحانه بهذه الآية كما قال له رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم . والتكرار للوعيد على الوعيد وقيل : معنى الآية وليك العذاب في الدنيا كما وقع له يوم بدر ووليك في القبر ثمّ أولى لك يوم القيامة فلذلك ادخل ثمّ أولى لك في النار .
[ سورة القيامة ( 75 ) : الآيات 36 إلى 40 ] أَيَحْسَبُ الإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ( 36 ) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ( 37 ) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ( 38 ) فَجَعَلَ مِنْه ُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثى ( 39 ) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ( 40 ) * ( [ أَيَحْسَبُ الإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ] ) * مهملا لا يؤمر ولا ينهى أي لا ينبغي أن يظنّ ذلك تقول : أسديت حاجتي وسديتها إذا أهملتها ولم تقضها * ( [ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ] ) * أي كيف يظنّ أن يهمل وهو يرى في نفسه من تنقّل الأحوال ما يمكنه أن يستدلّ به على أنّ له صانعا حكيما أكمل عقله وأقدره في أموره فيعلم بذلك أنّه لا يجوز أن يهمله عن التكليف . ولمّا كان استبعادهم للإعادة استدلّ سبحانه ببدء خلقه على تحقّق الإعادة والبعث ، ويمنى أي يصبّ ويراق في الرحم وسمّي منى لذلك لما يمنى فيها من دماء القرابين « 1 » وحاصل المعنى ألم يكن الإنسان في بدء خلقه ماء قليلا بخسّة القدر واستقدار الطبع وكان خسيس القدر أوّلا ثمّ استكمل في القدرة ثانيا حتّى صار بشرا سويّا فكيف يليق بمثل هذا أن يتمرّد عن طاعة خالقه ومدبّره .
* ( [ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً ] ) * أي ثمّ كان المنيّ بعد أربعين يوما قطعة دم جامد غليظ أحمر بعد أن كان ماء قليلا أبيض * ( [ فَخَلَقَ فَسَوَّى ] ) * أي فخلق من تلك العلقة خلقا في