وإنما نقلناه بطوله لأنه في تثليثه كالتفسير للفرق الثلث المذكورة في هذه السورة الشريفة مع ما فيه من الإشعار بأن المخالف يسمّى ضالَّا ما لم يكن من أهل الجحود والنصب والعداوة ، وإنّ نسبتهم إلى الضلال إنّما استفيد من خبر الثقلين المتواتر بين الفريقين بل المتلقى عندهم بالقبول من غير شك ودين ، وقضيّة ذلك التزامهم بضلالتهم حسب ما تأتي الإشارة إليه .
وأمّا ما رواه في الكافي أيضا عن مولينا الصادق عليه السّلام في قوله : * ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإِثْمِ والْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) * « 1 » : قال : الفواحش الزنا والسرقة واللمم الرجل يلمّ بالذنب فيستغفر اللَّه منه ، فلت : بين الضلال والكفر منزلة ؟ فقال ما أكثر عرى الإيمان « 2 » .
فلعلّ الظاهر أنّ المراد الإشارة إلى التثليث المتقدم ، فالمنزلة افتراق كلّ من الضلال والكفر عن الآخر ، أو إلى وسعة مقام الضلالة وكثرة أفرادها ، فالمنزلة بين أول الضلالة والكفر بسائر افراد الضلالة ، ولذا أشار إلى كثرة عرى الايمان ، فإنّ انقطاع كلّ عروة منها ضلالة وإن لم يكن كفرا فتشمل جميع المذاهب الَّتي افترقت عليها أمّة النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم على الفرقة المحقّة الإماميّة الاثني عشرية الذين هم مع الايمان والايمان معهم .
بقي في المقام وجوه أخر في بيان المراد من الفريقين مثل أن يكون المراد بالمغضوب عليهم المتمسّكين بالظاهر مع رفض الباطن رأسا ، وبالضالَّين العكس ، ولذا فسر الأول باليهود والثاني بالنصارى ، وهما مشتركان في الانحراف عن الحق ، إذ لا يكون ظاهر إلَّا بالباطن ولا باطن إلَّا بالظاهر كما في الخبر ولذا قال : * ( وذَرُوا