ولو بالأمر الاستحبابي وترك ما نهى عنه ولو بالنهي التنزيهي ، والاستدامة على ذلك في جميع الحالات والأوقات ما لم يوجب شيء منها سقوط التكليف لتعذّر أو تعسّر أو تبدّل حال أو انقلاب موضوع ، أو غير ذلك ممّا يوجب اختلاف الحكم ، وبالجملة يكون بين يدي اللَّه سبحانه كالعبد المطيع المنتظر لصدور الأمر من مولاه كي يبادر إلى قبوله وامتثاله ، حسب وسعه وطاقته في إيقاعه على أحسن وجوهه وأكملها من حيث اشتماله على جميع المتمّمات والمكمّلات ، واقترانه بالنيّة الصّحيحة الحاوية لملاحظة جميع الغايات الَّتي ربما يرجّح العمل اليسير معها على أضعافه بدونها ، فإنّ لكلّ امرئ ما نوى وإنّما الأعمال بالنيّات .
ولذا قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله لمولينا أمير المؤمنين عليه السّلام يا علىّ إذا تقرّب الناس إلى اللَّه بأنواع العمل فتقرّب إليه بأنواع النيّة تسبقهم ولذا ترى الأولياء بل الأنبياء موافقين لغيرهم في الأعمال الظاهرة وإن كان ما بين أعمالهم من حيث إيجابها للتقرّب والعدم بون بعيد أبعد ممّا بين السماء والأرض .
بل تعلم أن أصحاب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله كانوا يصلَّون خلفه كلَّهم صلاة واحدة متوافقة في الأقوال والأفعال الظاهرة الَّتي هي جسم الصلاة وناسوتها وإن لم تكن صلاتهم متوافقة في كيفيّة القبول وكمية الأجر والثواب التابعين للحضور والإقبال والتوجّه والإخلاص والمعرفة الَّتي هي روح العبادة ولبّها وحقيقتها وأصلها .
بل لا يكاد تتوافق صلاة اثنين منهم لضرورة اختلافهم في أحوالهم وأخلاقهم ونيّاتهم وعقائدهم وضمائر هم إلى غير ذلك .
بل لعلّ صلاة واحد من أصحابه صلَّى اللَّه عليه وآله مثل مولينا أمير المؤمنين عليه السّلام حقيقة الإيمان ومحضة وخالصة وكماله ، وصلاة بعض المنافقين الذين يصلَّون خلفه وأحزابهم الشياطين حقيقة الكفر والشرك والنفاق ، فإنّ سجودهم كان لأصنامهم الحقيقة الَّتي كانت بين يديهم أو الظاهرة الَّتي كانت بين رجليهم كما في الصك الذي