كتبه الثاني إلى واليه وقد أراها ابنه لابنه عليهم جميعا لعنة اللَّه والملائكة والنّاس أجمعين .
ثانيها : صدور هذا الامتثال لا على وجه الكلفة والمشقة والانزجار الَّتي ربما توجب بغض عبادة اللَّه والاستراحة في تركها ، والاستبدال عنها بغيرها ، وطلب الإذن والرخصة في القعود عنها ، والتّعلل في تركها بكلّ علَّة ، والتوصل للفرار منها بكل حيلة .
بل على وجه المحبّة والاشتياق واللَّذة والبهجة والسرور فإنّ العبادة قوّة قلوب العارفين ، وقرّة أعين الصالحين ، ولذة نفوس المشتاقين ، وغاية آمال المجتهدين الذين دأبهم الارتياح إليه والحنين ، وديدنهم الزفرة والأنين ، فإنّ عباده هم الذين بالبدار إليه يسارعون وبابه على الدوام يطرقون ، وإيّاه في الليل والنهار يعبدون ، فصفي اللَّه لهم المشارب ، وبلَّغهم المآرب ، وأنجح لهم المطالب وملأ لهم ضمائرهم من حبّه ، فبه إلى لذيذ مناجاته وصلوا ، ومنه أقصى مقاصدهم حصّلوا .
ثالثها : ولاية أولياء اللَّه الذين هم ولاة الأمر ، وسّاط الخلق إلى الخالق ، ولذا قرن اللَّه طاعتهم بطاعته وولايتهم بولايته ، ومحبّتهم بمحبّته فقال : * ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّه ) * « 1 » * ( ومَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّه ) * « 2 » .
وقال النبي صلَّى اللَّه عليه وآله : من كنت مولاه فعليّ مولاه « 3 » .
فيجب معرفتهم ، والإقرار بجملتهم ، والموالاة لأوليائهم ، والمعادات لأعدائهم ، والاقتداء بهديهم ، والالتزام بطاعتهم الَّتي هي بعينها طاعة اللَّه .
ولذا قال عليه السّلام في الجامعة الكبيرة : من أطاعكم فقد أطاع اللَّه ، ومن عصاكم