وتعلَّق الوجود بها لم تكن شيئا أصلا ، فمن أين اختلاف الذوات في أنفسها بعد القول بحدوث كلّ من الاختلاف والذوات والأنفس ، وبعد الإقرار بأنّه كان اللَّه ولم يكن معه شيء حتى المفاهيم والاعتبارات والتفردات والامتيازات الواقعيّة .
وإن كانت قديمة غير متعلقة للخلق ، كما هو ظاهر كلامه بل لعلَّه صريحه لزم تعدّد القدماء .
فان قلت : إنّها من الأمور الاعتبارية الَّتي لا تحصّل ولا تحقّق لها في الخارج ، وأما الأمور الحقيقية الَّتي هي الموجودات العينيّة فكلَّها حادثة ولا كلام لنا فيها .
قلت : إن أردت بكونها من الأمور الاعتباريّة أن ليس لها تحصّل ووجود إلَّا بفرض الفارض واعتبار المعتبر فممنوع كونها كذلك ، كيف وهي أمور واقعيّة متقرّرة يتحقق بالنسبة إليها الصدق والكذب ، كما نبّه عليه بقوله : وبالجملة مراتب الأعداد ممّا لا بدّ منها في نفس الأمر وكلّ منها غير الآخر . . . . إلى قوله : وكذلك سائر الماهيّات من الحيوانات والنباتات . . . إلخ .
على أنّها حينئذ ليست صالحة لأن تكون منشأ لاختلاف الماهيات والاستعدادات وساير الذاتيات والعوارض مع أنّ سياق الجواب استناد الجميع إليها .
وإن أردت بها أنّها ليست من الموجودات العينيّة الخارجيّة ولكنّ الموجودات الإمكانية غير منحصرة فيها ، فإنّ المفاهيم والمعاني والنفوس وقواها ليست من الموجودات العينيّة الزمانيّة .
وما أشبه القول بعدم وجودها بعد الالتزام بثبوتها وتقرّرها وتمايزها في أنفسها بقول الأشاعرة المثبتين للحال ، وهي الواسطة بين الوجود والعدم .
وثانيا أنّ جعل علمه سبحانه ظرفا لها ليس على ما ينبغي ، فإنّ علمه سبحانه ليس بحصول الصورة ، ولا الصورة الحاصلة ، ولا غيرها من الإضافات