منع الأوّل منه لا يوجب خروجه إلى زمرة العاصين ، والتفضّل على الثاني به لا يوجب دخوله في فرقة المطيعين .
على أنّ هاهنا بابا آخر من العلم ، وهو الأصل في المقام ، وذلك أن اللَّه تعالى أنعم على كلّ فريق من المطيعين والعصاة ما أنعم على الآخر ، إلا أنّه يوجب نجاة الفرقة الأولى بإطاعتهم واختيارهم موافقة المولى وامتثاله كما أنّه بعينه يوجب هلاك العاصين بمخالفتهم ، ولذا قيل :
أرى الإحسان عند الحرّ دينا * وعند النذل منقصة وذمّا كقطر الماء في الأصداف درّ * وفي جوف الأفاعي صار سمّا وقال سبحانه : * ( يُضِلُّ بِه كَثِيراً ويَهْدِي بِه كَثِيراً ) * « 1 » .
* ( ونُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ولا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً ) * « 2 » .
وورد في زيارة مولينا أمير المؤمنين عليه السّلام « 3 » ، بل في زيارة مولينا الحجّة الخلف أيضا عجّل اللَّه فرجه : أنّه نعمة اللَّه على الأبرار ونقمته على الفجّار .
ولهذا الكلام شرح تسمعه فيما يأتي إن شاء اللَّه تعالى .
نعم ذكر الفاضل القمي رحمة اللَّه عليه جوابا من الشبهة المتقدّمة حكاية عن غيره بأنّ وجه استحقاقه ذلك اللطف هو طيب نفس ذلك وحسن نيّته في الطاعة ، ووجه منع الآخر خبث ذاته والتزامه طريقة المخالفة .
ثم أورد سؤالا آخر ، وهو أنّ السبب إذا كان مقتضى الذات ، والذات هي الداعية إلى الامتثال وإن لم يكن هذا اللطف الخاصّ أيضا ، فيرجع الكلام إلى أنّ