بظهر الغيب نودي من العرش : ولك مائة ألف ضعف مثله « 1 » ولذا عمّهم في إظهار العبودية تمهيدا لسؤال الهداية للكافّة فنسب كلّ من يعبد اللَّه إلى العبادة ثمّ طلب لهم الهداية .
وإمّا باعتبار الوسائط المترتّبة بين المشيّة الكليّة وبين العابد ، وذلك أنّ العبادة والمعونة من جملة الفيوض الواصلة إلى العبد ، وقد تقرّر في محلَّه أنّ الفيض لا يصل إلى السافل إلَّا بواسطة العالي وبابيّته وحجابيّته وأنّ الباب الأقدم والحجاب الأعظم هو الحقيقة المحمديّة وعترته المعصومون صلوات اللَّه عليهم أجمعين ، فالعبادة والاستعانة لمّا كانت بالتوجه إلى المبدأ الأوّل بالتوسّل إلى المبادي العالية والاستشفاع بهم وبالاستفاضة من تلك المبادي والإشراق عليه منها ، فسيلان فيض العبوديّة والاستكانة للاستفاضة في جميع السلسلة عبادة للجميع وهو المفروض باب الأحديّة جبرا للنقصان ، واستدعاء للقبول والإحسان وهذا الاعتبار الَّذي لوحنا إليه يتكثر به الواحد الذي هو المشيّة الكليّة والوجود المطلق والفيض الانبساطي ويتّحد به المتكثّر الذي هو الوجودات الجزئيّة المقيّدة الواقعة في صقع المفعول برجوع الكل إليه ، وخضوع الجمع لديه .
والى هذا المعنى أشار رأس الجالوت أعلم علماء اليهود حيث سأل من مولينا الرضا عليه التحية والثناء وقال : يا رئيس المسلمين ما الواحد المتكثّر . وما المتكثّر المتوحد ، وما الجاري المنجمد ، وما الناقص الزائد ، فأجاب عليه السّلام يا ابن أبيه أيّ شيء تقول وممّن تقول ، ولمن تقول ، وبمن تقول ؟ بينا أنت أنت صرنا نحن نحن ، وهذا جواب موجز . . . الخبر « 2 » .
