ومنه انكشف السر عن قول مولانا سيد الشهداء روحي له الفداء : « يا من استوى برحمانيته على العرش ، فصار العرش غيبا في رحمانيته كما كانت العوالم غيبا في عرشه ، محقت الآثار بالآثار ، ومحوت الأغيار بمحيطات الأفلاك الأنوار « 1 » .
فالمراد بالعرش في المقام هو قلب المؤمن الذي صارت العوالم غيبا فيه واستوى عليه الرحمن برحمانيته .
ولذا ورد : « لا يسعني أرضي ولا سمائي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن » « 2 » .
فكما أنّ القلب عرش للعالم الصغير فكذلك العرش العظيم قلب للإنسان الكبير ، وإدراك الإنسان لكل من العوالم والمراتب إنما هو بواسطة ما خمر فيه من أقبضة المأخوذة من ذلك العالم .
فالعوالم متطابقة متوافقة ، وتلك القبضات كالجداول والأنهار المتصلة بالبحر ، وكالكوى والشبابيك التي يدخل منها الضوء في البيت .
فظاهر الإنسان ناسوتي جسماني عنصري ، وفي بدنه العنصري بدن مثالي برزخي ، وله سبيل آخر إلى عالم المثال المسمى بعالم الهور قليا وبالخيال المنفصل والمراد بالسبيل هو الخيال المتصل الذي يحصل به الاطلاع على المقادير المجردة عن المواد العنصرية ، ولذا يسمى بالخيال المقيّد ، كما أن عالم المثال يسمى بالخيال المطلق ، وعند تحقق النوم وانقطاع توجه النفس عن التصرف في هذا البدن ، ينفتح الباب بينها وبين هذا العالم ، فيشاهد ما فيها من الحقائق المتجلية التي يعبر عنها