وهكذا إلى أن ينتهي إلى الناطقة القدسية والكلية الإلهية ، عكس القوس الأولى هبوطا وصعودا ، فالإنسان قد اجتمعت فيه قوى المعادن والنباتات والحيوانات والملائكة ، بل قوى بسايط العالم من العناصر الأربعة ، والأفلاك السبعة التي لكل منها روحانية خاصّة ، وكوكبها محل القلب منها ، فإن الشمس ينبوع القوة الحيوانية ، والقمر ينبوع القوة الطبيعية ، وزحل ينبوع القوة الماسكة ، والمشتري ينبوع القوة النامية ، وعطارد ينبوع القوة الفكرية والذكرية ، والمرّيخ ينبوع القوّة الغضبية ، والزهرة ينبوع القوة الشهوية ، ولذلك يكون عطارد والمرّيخ والزهرة في المواليد أدلَّة على أخلاق صاحبها وصناعته .
كما ذكر معلم الأحكام بطلميوس في كلمة من كلماته ، وربما تساعده التجارب الأحكامية في زائجة المواليد .
نعم ، ذكر بعض مشايخنا عطر اللَّه مرقده أنّ روحانية القوة العلمية في فلك المشتري ، والخيالية في فلك الزهرة ، والفكرية في عطارد ، والوهمية في المريخ ، والتعقلية في زحل ، والحياة في فلك القمر ، والوجود الثاني من الشمس ، فقبض من كل هذه الأفلاك قبضة ، ومن محدّد الجهات قبضة خلق منها قلبه ، ومن الكرسي قبضة خلق منها صدره ، حكاه من بعض العارفين ثم قال : وأنا أكتب هذا فيما كتبت حيث أقرّ به قلبي استنادا إلى اعتبارات منها قطعية ومنها ظنية متآخمة للعلم ، والمستند ما يشير إليه الأخبار .
قلت : ولست بصدد ترجيح أحد القولين على الآخر ، لكن المقصود المشترك بينهما كون الإنسان مجمعا لقواها وروحانيتها مطرحا لأشعة نجومها ، ولذا سماه اللَّه تعالى في باطن قوله : * ( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وإِنَّه لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) * « 1 » .