وقوله « وكما هو أهله » : إشارة إلى الحمد الحقيقي الذاتي الحقي الفعلي الذي قد عرفت سابقا اتحادهما أيضا من وجه ، وإن تغايرا من وجه آخر ، فإن فعله سبحانه أهل له ، وهو أهل لفعله ، وهذا التأهل إنما هو في مقام الفعل لا الذات .
وقوله « وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله » ، إشارة إلى الحمد الحقي الذاتي في مقام الواحدية لا الأحدية التي هو الغيب المطلق ، فله في مقام الواحدية الظهور بالصفات الكمالية من الجمالية والجلالية .
فقوله « لكرم وجهه » إشارة إلى ظهوره بالصفات الكمالية من العلم والقدرة والحياة والقدم وغيرها ، « وعز جلاله » إشارة إلى تقدسه عن كل ما يعدّ في النقصان أو ينتهي إلى رتبة الإمكان .
فانظر كيف أطلق الحمد أولا بالإطلاق الشمولي الإحاطي ، ثم فصّله في مراتبه ودرجاته متدرّجا من الأدنى إلى الأعلى ، كما هو القانون في التوجهات والأسفار والترقيات الواقعة في عالم الموادّ ، وصقع الاستعداد * ( إِلَيْه يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه ) * « 1 » .
ثم بعد تفصيل المراتب في المقامات الأربعة التي هي الأركان الأربعة لعرش المعرفة والتقديس ، وهي التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ، فصّل بعد الإجمال وأجمل بعد التفصيل فقال : وسبحانه اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر على كل نعمة أنعم بها عليّ وعلى كل أحد من خلقه ، ممن كان أو يكون إلى يوم القيامة « 2 » .
ثم اعلم أن الثناء الواقع من كل أحد للَّه سبحانه إنما هو على حسب مقامه ورتبته وقابليته واستعداده واللَّه سبحانه منزه عن كل ذلك ، فإنه قد انتهى المخلوق