وأما الحكم بطهارة المنكرين للولاية الحقّة وإسلامهم ، وإجراء أحكامه عليهم من جواز التناكح وحل الذبائح والتوارث وغيرها ، فإنما هي أحكام ظاهرية جعلت وشرعت للترفيق على الشيعة الإمامية حيث كانوا مختلطين بهم ، مقهورين تحت أيديهم معدودين في زمرتهم ، بل لم يقم لهم سوق لغلبة أهل الفجور والفسوق ، ولذا يسّر اللَّه لهم بإجراء أحكام الإسلام في ظاهر الشريعة مع ثبوت الكفر الباطني لهم ، بل لعلَّهم أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا ، فإنهم يهود هذه الأمة لمتابعتهم عجلها وسامريها وهما صنما قريش وجبتاها ، وطاغوتاها وإفكاها ، ولذا عبر عن الولاية بالإيمان وعن عدمها بالكفر في قوله : * ( ومَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُه وهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ ) * « 1 » .
بل عن الثلاثة بالثلاثة في قوله : * ( ولكِنَّ اللَّه حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمانَ وزَيَّنَه فِي قُلُوبِكُمْ وكَرَّه إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ والْفُسُوقَ والْعِصْيانَ ) * « 2 » .
فإكمال الدين وإتمام النعمة إنما هو بالولاية ، ولذا ارتدّ الناس بعد النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم إلَّا أربعة ، فرجعوا على أعقابهم القهقرى * ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) * « 3 » .
هذا مضافا إلى أنّ النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم والولي هما الواسطتان في تلَّقي الفيوض الإلهية من التشريعية والتكوينية ، كما مرّ غير مرّة ، فالمستعين باللَّه والمتوجه إليه لا بدّ له من حفظ المراتب للوصول إلى ماله من المطالب والمآرب ، ولذا علَّمنا الاستعانة باللَّه الذي أنشأ المشية الكلية والحقيقية المحمدية الَّذي هو الرحمة الرحمانية والرحمة الرحيمية الإيمانية .