ركن ، وخلق عند كل ركن ثلاثمائة ألف وستين ألف ملك ، لو أذن اللَّه تعالى لأصغرهم فالتقم السماوات السبع والأرضين السبع ما كان ذلك بين لهواته إلا كالرملة في المفازة الفضفاضة « 1 » ، فقال لهم اللَّه : يا عبادي احتملوا عرشي هذا ، فتعاطوه ، فلم يطيقوا حمله ولا تحريكه ، فخلق اللَّه عزّ وجل مع كل واحد منهم واحدا فلم يقدروا أن يزعزعوه ، فخلق اللَّه مع كل واحد منهم عشرة فلم يقدروا أن يحرّكوه فخلق اللَّه بعدد كل واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا أن يحركوه ، فقال اللَّه عزّ وجل لجميعهم : خلَّوه عليّ أمسكه بقدرتي ، فخلَّوه فأمسكه اللَّه عزّ وجل بقدرته ، ثم قال لثمانية منهم : احملوه أنتم ، فقالوا : يا ربنا لم نطقه نحن وهذا الخلق الكثير والجم الغفير فكيف نطيقه الآن دونهم ؟ فقال اللَّه عزّ وجل : لأني أنا اللَّه المقرّب للبعيد ، والمخفّف للشديد والمسهّل للعسير ، أفعل ما أشاء وأحكم ما أريد ، أعلَّمكم كلمات تقولونها يخفّف بها عليكم ، قالوا : وما هي ؟ قال : تقولون : بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم ، وصلى اللَّه على محمد وآله الطيبين ، فقالوها ، فحملوه وخفّ على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل جلد قوي .
فقال اللَّه عزّ وجل لسائر تلك الأملاك : « خلَّوا على هؤلاء الثمانية عرشي ليحملوه وطوقوا أنتم حوله وسبّحوني ، ومجدّوني ، وقدّسوني ، فأنا اللَّه القادر على ما رأيتم وعلى كل شيء قدير » « 2 » .
وأمّا بيان أنّ حملة العرش في الدنيا أربعة ، وفي يوم القيامة يحمله ثمانية ، فسيأتي الإشارة إليه في موضع آخر .
