فإن من جملة إطلاقات العرش هو المشية الكلية ، بل هو أول إطلاقاته ، وأعلى مقاماته ، وهي المشار إليها بقوله في الجامعة الكبيرة : « خلقكم اللَّه تعالى أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين » « 1 » .
وهو العرش الأعظم الذي استوى عليه الرحمن برحمانيته ، الجامع للمقامات الأربعة المتقدمة ، فإذا اعتبرت الأركان الأربعة في العوالم الثلاثة كان المجموع اثنى عشر .
ثم إن اللَّه تعالى لما نزّلها من علَّو وسمّو مكانها ، ومقامها سار بكل مرتبة من تلك المراتب في ثلاثين عالما ، وأظهرها في جميع هذه العوالم ، فتمّت كلمته ، وعظمت نعمته ، وبلغت حجّته ، وكملت عطيّته فسار بكلّ منها في عالم الوجود المقيّد ، ثم في عالم العقل ، ثمّ في عالم الروح ، ثم في عالم النفس ، ثمّ في عالم الطبيعة ، ثم في عالم الهيولى ، وهي المادّة ثمّ في عالم الصورة ، ثم في عالم المثال ، ثمّ في عالم العناصر الجسمانيّة ، ثمّ في عالم الأعراض ، ولكلّ منها ثلاث مراتب :
الأعلى ، والأوسط ، والأسفل ، فتمام الأدوار والأطوار والمراتب تنتهي إلى ثلاثمائة وستّين .
لكن لا يخفى أنّ هذا العدد إنّما هو باعتبار ما عندنا ، * ( وإلَّا إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) * « 2 » . ولمّا كان العرش الأعظم من عالم الربوبية ، كان عدد أركان ثلاثمائة وستون ألفا كما رواه مولانا أبو محمد العسكري روحي له الفداء وعلى ابنه وآبائه آلاف التحية والثناء في تفسيره ، قال : « قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : إنّ اللَّه لما خلق العرش خلق له ثلاثمائة وستين ألف
