يروه ، وقالوا لنبيهم ساخرين : فأتنا به ان كنت من الصادقين ، ولما رأوه عيانا ندموا ، وتمنوا لو أمهلهم اللَّه قليلا كي يؤمنوا ويطيعوا . . وهكذا المضيع يتمنى الرجعة أو الامهال بعد فوات الأوان .
( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) . هذا من كلامه تعالى يرد به على الذين قالوا لنبيهم :
فائتنا بما تعدنا . . فأسقط علينا كسفا من السماء . ومعناه كيف تستعجلون العذاب ، وإذا نزل لا تستطيعون له صرفا ، ولا منه مفرا ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ ) . تمنى المجرمون الامهال حين رأوا العذاب ، فأجاب سبحانه بأن الامهال والإملاء وان طال أمده فإنه لا يجدي نفعا عند نزول العذاب ، بل كلما طال أمد المجرمين في الدنيا ، وازدادوا من نعيمها ازدادوا إثما وجرما ، وتضاعف عقابهم وعذابهم .
( وما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ ) هذا بمعنى قوله تعالى : « وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً » - 15 الاسراء ( ذِكْرى وما كُنَّا ظالِمِينَ ) في إهلاك القرى ، حيث أرسلنا إلى أهلها رسلا منذرين بالعذاب ، مذكرين بطاعة اللَّه ، ومزودين بالأدلة والبراهين ، فكذبوا الرسل فحق عقاب اللَّه .
( وما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وما يَنْبَغِي لَهُمْ وما يَسْتَطِيعُونَ ) . كان أهل الجاهلية يعتقدون بالكهانة ، وان لكل كاهن شيطانا يأتيه بأخبار الغيب ، ولما نزل القرآن قالوا هذا من وحي الشيطان إلى الكهنة ، وهؤلاء بدورهم يوحون به إلى محمد ( ص ) أو هو كاهن تنزل عليه الشياطين ، فرد سبحانه هذا الزعم بأن القرآن هدى ونور ، وبينات قاطعة ساطعة ، وأين الشياطين والكهنة من الهدى والبينات ؟ . .
انهم أضعف وأحقر . . هذا ، إلى ( إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ) ممنوعون من سماع القرآن حين يوحي اللَّه به إلى جبريل لينقله إلى محمد ( ص ) . وإذا عجز الشياطين عن إنشاء آية من مثله ، وعن سماع كلمة واحدة منه فكيف ينقلونه إلى الكهنة ، ويخبرونهم به ؟ .
وأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ الآية 213 - 220 فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ( 213 ) وأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ